س: هل تعذرون بالجهل الذين لا يعلمون معنى (لا إله إلاّ الله) أو نواقضها ؟
جـ: دلّ الكتاب والسنة على أن من أشرك بالله جاهلاً يطلق عليه الكفر والشرك كقوله تعالى:
=﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة:6]
=﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: 3].
=﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 1].
=﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [النازعات: 17]. =﴿يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ﴾ [طه: 39].
=﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 4]. وفي الحديث: "يا رسول الله إنا كنّا في جاهلية وشرّ". [البخاري].
وقال الإمام ابن تيمية في الفتاوى (المجلّد 11 ص:676): "ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال.
(1) قيل: إن قبحها معلوم بالعقل وأنهم يستحقّون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم الرسول كما يقوله المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره.
(2) لا قبح ولا حسن ولا شرّ فيها قبل الخطاب وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل، وإنما الحسن ما قيل فيه افعل أو ما أذن في فعله كما تقول الأشعرية ومن وافقهم من الطوائف الثلاثة. (ونسبه إلى جهم كذلك).
(3) وقيل إن ذلك سيء وقبيح قبل مجيء الرسول لكن العقوبة إنما تستحقّ بمجيء الرسول، وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين وعليه يدلّ الكتاب والسنة" (ا ﻫ).
وقال الإمام ابن تيمية: "فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة فإنه يشرك بربّه ويعدل به، ويجعل معه آلهة أخرى ويجعل له أنداداً قبل الرسول ويثبت أن هذه الأسماء مقدم عليها وكذلك اسم الجهل والجاهلية يقال جاهلية وجاهلاً قبل مجيء الرسول وأما التعذيب فلا" [مجموع الفتاوى: م 20/ص: 38].
وقال الإمام ابن القيم: "والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاءَ به، فما لم يأْت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل. فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عناداً وإما جهلاً وتقليداً لأهل العناد"
قال: "بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله عز وجل وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب. وأما في أحكام الدنيا فهي جارية مع ظاهر الأمر". [طريق الهجرتين].
وقال سـيد قطب في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾: "إن الاعتقاد بحقيقةٍ فرعٌ عن معرفتها .. فإذا جهل الناس حقيقة عقيدة فكيف يكونون معتنقين لها؟ وكيف يحسبون من أهلها وهم لا يعرفون ابتداءً مدلولها؟".
راجع في الجواب عن هذه الشبهات الآتية كتاب "العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي"
شبـهة (1) قول الصحابة (اجعل لنا ذاب أنواط). (جواب ابن تيمية - وجواب محمد بن عبد الوهّاب).
شـبهة (2) سجود معاد (جواب قتادة وابن زيد).
شـبهة (3) الرجل الذي قال (إذا أنا متُّ فحرّقوني). (جواب أبي بطين – الانتصار لحزب الله الموحّدين).
قالت طائفة: (لا يصح حمل هذا على أنه أراد نفي قدرة الله فإن الشاك في قدرة الله -تعالى- كافرٌ)
وقالت طائفة: (كان غير ضابط لكلامه كالذي قال (اللهم أنت عبدي وأنا ربك).
وقالت طائفة: (هذا من مجاز كلام العرب مزج الشكّ باليقين).
وقالت طائفة: (جهل صفة وقد اختلف في حكم جاهل الصفة).
وقالت طائفة: (كان في زمن فترة حين ينفع مجرّد التوحيد).