من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- %D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%91%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AE%D8%B1%D8%A9
المكتبة > %D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9 > %D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%91%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AE%D8%B1%D8%A9
عدد المشاهدات : 6
تاريخ الاضافة : 2019/01/07
المؤلف : ياسين نور


أحوال الدا الآخرة

الكتاب
أحوال الدّار الآخرة.pdf

الدروس
الحياة البرزخيّة

الحياة البرزخية
قال تعالى: ﴿وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 100].
سئل مجاهد عن هذه الآية فقال: "هو مابين الموت والبعث" .
وقيل للشعبي مات فلان. قال: ((ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة هو في برزخ)).
والبرزخ في كلام العرب: الحاجز بين الشيئين ومنه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا﴾ أي حاجزاً ..
وكذلك هو في الآية من وقت الموت إلى البعث فمن مات فقد دخل في البرزخ وقوله تعالى: ﴿وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ﴾ أي من أمامهم وبين أيديهم [ التذكرة ].
وقال تعالى مخبراً عن حال فرعون وآله ومن جرى مجراهم: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [ غافر ].
وكذلك أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن القبر إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده غدوة وعشياً إما النار وإما الجنة فيقال: هذا مقعدك حتى تبعث إليه". [البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنّ أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة". [متفق عليه].

الجنة

(و) الجنة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال: أنظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها قال: فجاءها ونظر إليها وإلى ما أعدّ الله لأهلها فيها. قال: فرجع إليه قال: وعزّتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها. قال: فأمر بها فحفت بالمكاره. فقال: فارجع إليها فانظر إلى ما أعددتُ لأهلها فيها. قال فرجع إليها فإذا هي قد حُفت بالمكاره فرجع إليه فقال: وعزّتك لقد خِفتُ ألاّ يدخلها أحدٌ ... قال: اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضاً فرجع إليه فقال: وعزّتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها فحُفت بالشهوات. فقال: ارجع إليها فرجع إليها فقال: وعزّتك لقد خشيت ألا ينجوا منها أحد إلا دخلها" [الترمذي].
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحدٌ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحدٌ" [مسلم].
عن عبد بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك" [البخاري].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: احتجت الجنة والنار فقالت هذه: يدخلني الجبّارون والمتكبِّرون ... وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين ... فقال الله لهذه: أنت عذابي أُعذِّب بكِ من أشاء ... وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكلّ واحدة منكما ملؤها" [متفق عليه].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من يأبى .. قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" [البخاري].
عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوماً في خطبته: "أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدّق موفِّق، ورجلٌ رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم عفيف متعفف ذو عيال" [مسلم].
وعن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضّعّف لو أقسم على الله لأبرّ قسمه" [مسلم].
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : "قمتُ على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وإذا أصحاب الجد محبوسون" [مسلم].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ أقلّ ساكني الجنة النساء" [مسلم وأحمد].
قال القرطبي : قال علماؤنا رحمهم الله إنما كان النساء أقلّ لما يغلب عليهنّ من الهوى والميل الى عاجل زينة الدنيا لنقصان عقولهن أن تنفذن بصائر الى الأخرى فيضعفن عن عمل والتأهب لها ولميلهن الى الدنيا والتزين بها ولها ثم مع ذلك هنّ أقوى أسباب الدنيا التي تصرف الرجال عن الآخرة لما لهم فيهن من الهوى والميل لهن فأكثرهن معرضات عن الآخرة بأنفسهن, صارفات عنها لغيرهن سريعات الإنخداع لمن لداعيهن من المعرضين عسيرات الإستجابة لمن يدعوهن الى الآخرة وأعمالها من المتقين .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله عز وجل " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخراً بله ( غير ) ما اطلعكم ( الله ) عليه " ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ [ مسلم ].
عن أبي بكر بن عبدالله بن قيس عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "جنتان من فضّة آنيتهما وما فيها , وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيها وما بين القوم وبين أن ينظر الى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " [ مسلم ].
عن أبي سعيد النخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة . فيقولون: لبيك ربّنا وسعديك والخير في يديك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ومالنا لا نرضي يا ربّ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداّ من خلقك . فيقول : أفلا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون يا ربّ أي شئ أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " [مسلم].
عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ , قال الله تبارك وتعالى لهم أتريدون شيأً أزيدكم ؟ فيقولون ألم تبيّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف لهم الحجاب فما أُ عطوا شيأً أحبّ اليهم من النظر الى ربهم عز وجل " وفي رواية ثم تلا هذه الآية: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾ [ مسلم ].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " [مسلم].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد أو المضمر السريع مائة عام وما يقطعها " [البخاري].
وفي الحديث : " والذي نفس محمد بيده أن ما بين المصرعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصري "[مسلم].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون (أو سبعمائة ألف لا يدري أبو حازم الراوي عن سهل أيهما قال) متماسكون آخذ بعضهم بعضاً لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر" [ البخاري ].
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أُسري بي فقال : يا محمد إقرأ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" [الترمذي ].
وفي البخاري : قيل لوهب : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله ؟ قال : بلى. ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يُفتح لك .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينادي مناد أن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وأن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وأن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبداً وأن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً وذلك قوله عز وجل :﴿وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف : 43 ] [مسلم ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " لو أن إمرأة من أهل الجنة اطلعت الى أهل الأرض لأضاءت ما بينها ولملأته ريحاً ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا ومافيها " [ البخاري ].
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : " إن في الجنة لسوق يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم المسك فيزدادون حُسناً وجمالاً فيرجعون الى أهلهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً . فيقول لهم أهلهم : والله لقد ازدادتم بعدنا حُسناً وجمالاً. فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً " [ مسلم ].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحواً من أربعين فقال : أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة قلنا نعم . قال : والذي نفس بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض" [متفق عليه ].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إن آخر أهل الجنّة دخولاً الجنّة وآخر الناس خروجاً من النار : رجلٌ يخرج حبواً فيقول له ربّه : ادخل الجنّة . فيقول : ربّ الجنّة ملائ فيقول له ذلك ثلاث مرات كل ذلك يعيد عليه الجنّة ملائ فيقول : إن لك مثل الدنيا عشر مرات " [ البخاري ].
قال الله تعالى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ [الزمر: 20].
وقال تعالى: ﴿إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: 37].
وقال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [الفرقان: 75].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام" [الترمذي].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : قال: {إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراؤن الكوكب الدرّي الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم}، قالوا: يارسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال:{بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين} [متفق عليه] .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يقال لصاحب القرآن إقرأ وارتق ورتِّل كما كنت تُرتّل في الدنيا فإن منْزلتك عند آخر آية تقرؤها" [أبو داود].
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يُجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت ... فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم" . [البخاري].
وقالت عائشة: "الجنة دار الأسخياء، والنار دار البخلاء" . [التذكرة].
قال زيد بن أسلم: "أمرك الله تعالى أن تكون كريماً فيُدخلك الجنة، ونهاك أن تكون بخيلاً فيُدخلك النار" [التذكرة].
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " ألا أدلك على كَنْز من كنوز الجنّة ؟ فقلتُ : بلى يا رسول الله . قال : لا حول ولا قوة إلا بالله " [متفق عليه].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أكثر ما يُدخل الجنّة تقوى الله وحسن الخلق " [ الترمذي ].
سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول لله صلّى الله عليه وسلّم من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنّة " [ متفق عليه ].
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين .. وضم أصابعه [مسلم ].
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " لا يدخل الجنة قتات " [متفق عليه ].
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنّة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما" [البخاري].
عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنّة" [متفق عليه].
وفي رواية لمسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصيحة لم يرح رائحة الجنّة"
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إن المقسطين عند الله على منابر من نور : الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا" [مسلم].

القصاص في القيامة

القصاص في القيامة
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هُذّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى في الجنة بمنزله منه بمنزله كان في الدنيا" [البخاري].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال " لتُؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" [مسلم].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" [متفق عليه].
وللنسائيّ أيضاً عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال أول مايحاسب عليه العبد الصلاة وأول ما يُقضى بين الناس الدّماء "
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه ٍأوشئ فليتحلّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" [البخاري].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: أن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " [مسلم]
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. واتقوا الشحّ الشحّ أهلك من كان قبلكم" [مسلم].
عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" [البخاري].
عن أبي أمامة أياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "من اقتطع حق إمرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. فقال رجل وإن كان شيئا يسيراً يا رسول الله؟ فقال: وإن قضيباّ من أراك " [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها يزلّ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" [متفق عليه].

الحشر – والعرض – والحساب

( جـ ) الحشر – العرض – الحساب
قال الله تعالى: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [ المطففين : 4-6].
وقال الله تعالى: ﴿وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا. وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا﴾ [الكهف : 47-48].
وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ. وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ. يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [ هود : 102-105].
قال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات : 38].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ [ الواقعة : 49-50].
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [ غافر : 16].
وقال تعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [93-95].
وقال تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[ 92-93].
وقال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ﴾ [ الأعراف : 6-7 ].
وقال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ. بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [ القيامة: 13-15].
وقالى تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [ المجادلة: 6].
وقال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [ الأنبياء: 47].
وقال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ﴾ [ الأعراف : 8-9].
وقال تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [ الجاثية: 28-29].
وقال تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف:49]
وقال تعالى: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ [ الإسراء:13]
وقال تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ . وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [ الزمر: 69-70].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض" [متفق عليه ].
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "يطوى الله السماء يوم القيامة ثم يأخدها بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبِّرون؟ ثم يطوى الأرض بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبِّرون؟ ." [مسلم].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يحشر الله الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد" [مسلم].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بموعظة فقال: "أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ وأن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام." [مسلم].
عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً". قلتُ يا رسول الله الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض. قال: "يا عائشة الأمر أشدّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض". [مسلم].
عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون مهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى منكبيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً وأشار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده إلى فيه" [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعاً وإنه ليبلغ أفواه الناس إلى آذانهم" [مسلم].
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال "يوم يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنه" [البخاري].
وفي حديث طويل عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه :"يُجمع الناس –الأولين والآخرين- في صعيد واحد يُسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون. فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السلام. فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنَّ ربي قد غضب اليوم غضَباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنَّه نهاني عن الشجرة فعصيته. نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول إنَّ ربِّي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنَّ ربِّي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبتُ ثلاث كذبات نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضّلك الله برسالته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنَّ ربِّي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسي فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه وكلّمت الناس في المهد صبياً اشفع لنا ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إنَّ ربِّي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، -ولم يذكر ذنباً- نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمّد صلّى الله عليه وسلّم فيأتون محمّداً صلّى الله عليه وسلّم فيقولون: يا محمّد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربِّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فانطلق فأتى تحت العرش فأقع ساجداً لربِّي عز وجل ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، يقال يا محمّد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول: "أمتي يا ربِّ أمتي يا ربِّ" فيقال: اَدخِل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال: والذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحِمْيَرْ. أو كما بين مكة وبصرى. [البخاري].
قال الترمذي يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزيّنوا للعرض الأكبر قبل أن تعرضوا وإنما يخف الحساب على من حاسب نفسه في الدنيا" .
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من حوسب يوم القيامة عُذّب". قالت: قلت يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ فقال: "ليس ذلك الحساب، إنما ذلك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عُذّب" [مسلم].
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه". [الترمذي].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة –يعني العبد– أن يقال له : ألم نُصحّ لك جسمك ؟ ونُرويك من الماء البارد " [الترمذيّ].
عن صفوان بن مُحرز قال: قال رجل لإبن عمر رضي الله عنهما كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في النجوى قال : سمعت يقول " يدني المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه , فيقرّره بذنوبه فيقول هل تعرف؟ فيقول إي ربّ أعرف قال : فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم قال: فيعطي صحيفة حسناته . وأما الكافر والمنافقون "فينادي بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" [البخاري].
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن الله يدني المؤمن فيضع كنفه عليه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم إي ربّ حتى إذا قرّره بذنوبه ورآى فيه نفسه أنه هلك. قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطي كتاب حسناته" [البخاري].

القيامة الصغرى

(القيامة الصغرى)
(أ) ذكر هاذم اللذات
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك].
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء].
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزمر ].
﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [الم السجدة].
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاْلِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن].
﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم.َ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ. فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [ الواقعة ].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لايتمنّ أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنياً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لّي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لّي [متفق عليه].
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يتمنينّ أحدكم الموت ولايدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لايزيد المؤمن عمره إلاّ خيراً" [مسلم].
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة" [تذكرة القرطبي].
قال العلماء: "الموت ليس بعدم محض ولافناء صرف،وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتبدّل حال، وانتقال من دار الى دار. وهو من أعظم المصائب وقد سمّاه الله تعالى مصيبة ﴿فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ فالموت هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى وأعظم منه الغفلة منه والإعراض عن ذكره وقلة التفكر فيه وترك العمل له، وأن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر" [تذكرة القرطبي ].
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اكثروا ذكر هاذم اللذات" يعني الموت [ الترمذي النسائي ]
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه" [الترمذي ].
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال:كنت جالساّ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء رجل من الأنصار فسلّم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خُلُقاً قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس )) [مالك/ابن ماجه].
وكان يزيد الرقاش يقول لنفسه: ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي عنك ربك بعد الموت؟ ثم يقول أيها الناس: "ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم من الموت موعده والقبر بيته، والثرى فراشه، والدود أنيسه وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر كيف يكون حاله؟". [ التذكرة ].
وقال اللفاف: "من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والكسل عن العبادة. فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته وصعوبة كأسه ومرارته. فيا للموت من وعد ما أصدقه ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب ومبكياً للعيون ومفرقاً للجماعات وهاذماً للذات وقاطعاً للأمنيات) [التذكرة].
وقال التيمى:"شيئان قطعاعني لذات الدنيا ذكر الموت وذكر الوقوف بين يدي الله تعالى" [التذكرة].
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي الله عنهكثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:
لا شئ مما ترى تبقى بشاشته يبقي الإله ويفني المال والولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولاسليمان إذ تجري الرياح به والجن والإنس فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها من كل أوب إليها وافد يفد
حوض هنالك مورد بلا كذب لابد من ورده يوماً كما وردوا
وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾
قال سيد قطب رحه الله عند هذه الآية: "إنه لابد من استقرار هذه الحقيقة في النفس، حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة محدودة بأجل ثم تأتي نهايتها حتماً. يموت الصالحون ويموت الطالحون، يموت المجاهدون ويموت القاعدون، يموت المستعلون بالعقيدة ويموت المستذلون للعبيد، يموت الشجعان الذين يأبون الضيم، ويموت الجبناء الحريصون على الحياة بأي ثمن ..
يموت ذوو الإهتمامات الكبيرة والأهداف العالية ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص الكل يموت ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كل نفس تذوق هذه الجرعة وتفارق هذه الحياة لا فارق بين نفس ونفس في تذوق هذه الجرعة من هذه الكأس الدائرة على الجميع ).

القيامة الكبرى

 القيامة الكبرى:
(أ) النفخة الأولى (الفزع – الصعق)
قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاء اللَّهُ﴾ [النمل: 87].
وقال تعالى:﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ.فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر:8-10]
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ. إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: 7-12].
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة: 13-15].
وقال تعالى: ﴿مَا يَنظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ. فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ [يس:49-50] (في أسواقهم وحوائجهم)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما الصور؟ قال: "قرنٌ يُنفخ فيه" [الترمذي].
عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كيف أنعم وصاحب الصور قد إلتقم القرن واستمع الإذن متى يُؤمر بالنفخ" فكأنّ ذلك ثقل على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لهم: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل". [الترمذي].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً
ولتقومنّ الساعة وقد ينشر رجلان ثوبهما بينهما فلا يبايعانه ولا يطويانه ... ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ... ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ... ولتقومنّ الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها" [رواه البخاري].
وقال صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل عند مسلم: "ثمّ ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلاّ أصغى ليتاً ورفع ليتاً. قال: فأول من يسمعه رجلٌ يلوط حوض إبله، قال: فيصعق ويصعق الناس".

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله وسلّم على رسوله وآله وصحبه أجمعين.
أما بعـد : فهذه رسالة قيّمة عن أحوال الدار الآخرة والمراحل والأطوار التي تمرّ بها النفس البشرية .. والمصير الذي ينتظرها إن كانت مسلمة مؤمنة بالله والمصير الذي ينتظرها إن كانت مشركة كافرة بالله العظيم.
ومتى عرف الإنسان واستيقن بهذه الأخبار الغيبية الصادقة التي جاءت من الله ورسوله .. عرف أنّ المستقبل الحقيقي الذي يستحقّ العناية والاهتمام والسعي والعمل هو ما يكون بعد موت الإنسان. إذ أن حياته قصيرة الأمد وما بعد الموت خلود وبقاء سرمديّ. فمن فاز في الآخرة وأفلح فهو "السعيد" حقًّا ومن خسر فيها فهو "الشقيّ" حقًّا:
((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)) [آل عمران]
وليس "المستقبل" الذي يستحقّ كل عناية الإنسان واهتمامه الأيام القلائل المستقبلة من عمره القصير في هذه الحياة الدنيا كما هو الحال في نظرة الجاهلية الحديثة التي يقودها الملاحدة الذين يروِّجون هذه النظرة ويزيِّنون للناس الغفلة عن الآخرة أو إنكارها كليّاً .. مع العناية بالدنيا وطلب زينتها ومتعتها بلا قيود وحساب: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)) [محمّد].
وأولئك الكفار سوف يؤمنون بالآخرة حين لا ينفع الإيمان يقولون كما قال تعالى: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة ].
وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.

الشفاعة

الشفاعة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل وفيه " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يُخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يُخرجوا من النار من كان لا يُشرك بالله شيئاً ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار يعرفونهم بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود وحرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصبّ عليهم ماء الحياة فينبتون منه كما تنبت الحبّة في حميل السيل" [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال : "لقد ظننتُ يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك لمِا رأيتُ من حرصك على الحديث: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو من نفسه" [البخاري].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنّهم لا يموتون ولا يحيون . ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم (أو قال بخطاياهم) فأماتهم الله إماتة حتى كانوا فحماً أذن لهم في الشفاعة فجئ بهم ضبائر ضبائر فيُثُوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل الجنّه أفيضوا عليهم فينبتون نبات الجنّة تكون في حميل السيل" فقال رجل من القوم: كأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد كان يرعى الغنم بالبادية. [مسلم].
عن انس رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " يُخرج قوم من النار بعدما مسّهم سفع فيدخلون الجنّة فيسميهم أهل الجنّة الجهنميين" [البخاري].
عن عمران حصين رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "ليخرجنّ قوم من النار بشفاعتي يُسمّون جهنميون" [الترمذي].
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل وفيه ثم يقال لي ارفع رأسك وسل تعطه وقل يُسمع واشفع تُشفّع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلّمني ثم أشفع فيحدُّ حدّاً ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنّة ثم أعود فأقع ساجداً مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما يبقى في النارإلا من حبسه القرآن " [البخاري].
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كل نبي سأل سؤالاً أو قال: لكل نبي دعوة دعاها لأمته وإني إختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" [البخاري].
ولمسلم: "أنا أول الناس يشفع في الجنّة, وأنا أكثر الأنبياء تبعاّ يوم القيامة, وأنا أول من يقرع باب الجنّة" .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لكل نبي دعوة مستجابة وإني إختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلةٌ من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً" [متفق عليه].

النار

( هـ) النّار
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله : يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرّونها " [ مسلم ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت , ثم أوقدت عليها ألف سنة حتى أبيضت , ثم أوقدت عليها ألف سنة حتى اسودت , فهي سوداء مظلمة " [الترمذي]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم . قالوا يا رسول الله : وإن كانت لكافية. قال: فإنها فضلت بتسعة وستين جزءاً " [مسلم]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا ربّ أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو ما تجدون من الحرّ وأشدّ ما تجدون من الزمهرير" [متفق عليه].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ سمع وجبةً فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أتدرون ما هذا ؟" قلنا الله ورسوله أعلم. قال: "هذا حجرٌ رُمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي الى اللآن حتى انتهى الى قعرها" [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أول من يدعى يوم القيامة آدم فيتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم فيقول: لبيك وسعديك. فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك فيقول: يا ربّ كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين ... فقالوا يا رسول الله: إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعين فماذا يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود" [ البخاري ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا يدخل النار إلا شقي. قيل يا رسول الله ومن الشقي ؟ قال:من لم يعمل لله بطاعته ولم يترك له معصية" [ابن ماجه].
وقال عليه الصلاة والسلام : يخرج عنق من النار فيقول: وكلت بثلاث: لكل جبّار عنيد وكل من جعل مع الله الهاً آخر وبالمصورين" [الترمذي].
وقال عليه الصلاة السلام: "ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر" [مسلم].
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل: "وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبعاً لا يتبعون أهلا ولا مالاً, والخائن الذي لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك وذكر البخل والكذب والشيظير الفحّاس" [مسلم].
وفي الحديث " وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء" [مسلم].
وفي الحديث: "ورأيت النار فلم أر منظراً كاليوم قط . ورأيت أكثر أهلها النساء . قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان, لو أحسنت الى إحداهن الدّهر كلّه ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" [متفق عليه].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : " إن أول الناس يُقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأُتي به فعرّفه نعمه فعرفها . قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدتُ. قال: كذبت. ولكنك قاتلت لأن يقال فلان جرئ فقد قيل .. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار. ورجل تعلّم القرآن وعلّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلّمتُ العلم وعلّمتُه وقرأتُ فيك القرآن . قال: كذبت ولكنك تعلّمتَ ليقال عالم وقرأتَ القرآن ليقال قارئ فقد قيل . ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به معرّفه نعمه فعرّفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحبّ أن يُنفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك. قال: كذّبت ولكنك فعلتَ ليُقال هو جوّاد، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه على أُلقي في النار. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يا أبا هريرة: أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعّر بهم النار يوم القيامة" [رواه مسلم].
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه في النار فيدور كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان بن فلان مالك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه" [رواه مسلم].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتيتُ ليلة أُسرى بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت رُدَّت. قلتُ من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون ويقرؤن كتاب الله ولا يعملون" [أبو نعيم في الحلية].
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم" لأعلمتُ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله عز وجل هياءً منثوراً ... قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلِّهم لنا الاّ نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم اخوانكم من جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا حلوا بمحارم الله انتهكوها" [ابن ماجه].
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي بِه؟، فيقول: نعم. فيقول: أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك بي} [رواه مسلم].
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجلٌ توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه" [البخاري].

الحياة الدنيا في نظر الإسلام

1- الحياة الدنيا في نظر الإسلام
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ﴾[الرعد: 26].
وقال تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ [النساء: 77].
وقال تعالى: ﴿أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ [التوبة: 38].
وقال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ [غافر: 39].
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس: 24].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية
"ضرب تبارك وتعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض بماء أنزل من السماء مما يأكل الناس من زروع وثمار على اختلاف أنواعها وأصنافها وما تأكل الأنعام من أب وقضب وغير ذلك.
وقال تعالى في آخر الآية ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ﴾ أي نبين الحجج والأدلة ﴿لقوم يتفكرون﴾ فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا عن أهلها سريعا مع اغترارهم بها وتمكنهم وثقتهم بمواعيدها ونقلتها عنهم فإن من طبعها الهرب ممن طلبها والطلب لمن هرب منها وقد ضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بنبات الأرض في غير ما آية من كتابه العزيز فقال في سورة الكهف ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ وكذا في سورة الزمر والحديد يضرب الله بذلك مثل الحياة الدنيا كماء. اﻫ .
وقال تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت].
قال سيد قطب عند تفسير هذه الآية: "وبمناسبة الحديث عن الحياة في الأرض وعن الرزق والبسط فيه والقبض، يضع أمامه الميزان الدقيق للقيم كلها. فإذا الحياة الدنيا بأرزاقها ومتاعها لهو ولعب حين تقاس بالحياة في الدار الآخرة:
وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب،وإن الدار الآخرة لهي الحيوان، لو كانوا يعلمون.. فهذه الحياة الدنيا في عمومها ليست إلا لهوا ولعبا حين لا ينظر فيها إلى الآخرة . حين تكون هي الغاية العليا للناس. حين يصبح المتاع فيها هو الغاية من الحياة. فأما الحياة الآخرة فهي الحياة الفائضة بالحيوية. هي الحيوان لشدة ما فيها من الحيوية والامتلاء .
والقرآن لا يعني بهذا أن يحض على الزهد في متاع الحياة الدنيا والفرار منه وإلقائه بعيداً. إن هذا ليس روح الإسلام ولا اتجاهه. إنما يعني مراعاة الآخرة في هذا المتاع، والوقوف فيه عند حدود الله. كما يقصد الاستعلاء عليه فلا تصبح النفس أسيرة له ، يكلفها ما يكلفها فلا تتأبى عليه ! والمسألة مسألة قيم يزنها بميزانها الصحيح. فهذه قيمة الدنيا وهذه قيمة الآخرة كما ينبغي أن يستشعرها المؤمن؛ ثم يسير في متاع الحياة الدنيا على ضوئها، مالكا لحريته معتدلا في نظرته: الدنيا لهو ولعب ، والآخرة حياة مليئة بالحياة ...
وقال أيضاً عند قوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ﴾
قال: والحياة الدنيا حين تقاس بمقاييسها هي وتوزن بموازينها تبدو في العين وفي الحس أمرا عظيما هائلا.ولكنها حين تقاس بمقاييس الوجود وتوزن بميزان الآخرة تبدو شيئا زهيدا تافها . وهي هنا في هذا التصوير تبدوا لعبة أطفال بالقياس إلى ما في الآخرة من جد تنتهي إليه مصائر أهلها بعد لعبة الحياة !
يصور الدنيا كلها بصورة هزيلة زهيدة تهون من شأنها وترفع النفوس عنها وتعلقها بالآخرة وقيمها... لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر هذه هي الحقيقة وراء كل مايبدو فيها من جد حافل وإهتمام شاغل ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ فما لهذا المتاع حقيقة ذاتية ، إنما يستمد قوامه من الغرور الخادع كما أنه يلهي وينسي فينتهي بأهله الى غرور خادع..
وهي حقيقة حين يتعمق القلب في طلب الحقيقة . حقيقة لايقصد بها القرآن العزلة عن حياة الأرض ولا إهمال عمارتها وخلافتها التي ناطها بهذا الكائن البشري ، إنما يقصد بها تصحيح المقاييس الشعورية والقيم النفسية والإستعلاء على غرور المتاع الزائل وجاذبيته المقيدة بالأرض، هذا الإستعلاء الذي كان المخاطبون بهذه السورة في حاجة إليه ليحققوا إيمانهم ،والذي يحتاج إليه كل مؤمن بعقيدة ليحقق عقيدته ولو اقتضى تحقيقها أن يضحي بهذه الحياة الدنيا جميعاً.
فأما الآخرة فلها شأن غير هذا الشأن .شأن يستحق أن يحسب حسابه وينظر إليه ويستعد له ﴿وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ﴾ فهي لا تنتهي في لمحة كما تنتهي الحياة الدنيا وهي لا تنتهي الى حطام. كذالك النبات البالغ أجله إنها حسان وجزاء ودوام ييستحق الإهتمام اﻫ .
وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تبين نظرة الإسلام في الحياة الدنيا
عن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع" [مسلم].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء)) [مسلم].
روى ابن أبي حاتم: أن الحسن قرأ هذه الآية ﴿قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ﴾ قال: رحم الله عبداً صحبها على حسب ذلك،وما الدنيا كلها أولها وآخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه.
وقال ابن معين كان أبو مصهر ينشد:
ولاخير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنها متاع قليل والزوال قريب
كتب حسن البصري الى عمر بن عبد العزيز أما بعد: ((فإن الدنيا دار ظعن وليس بدار مقام. وإنما أنزل إليها آدم عقوبة فاحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تركها والغني فيها فقرها، تذلّ من أعزّها وتفقر من جمعها. لم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فأحذر هذه الدار الغرارة الخداعة وكن استر ما تكون فيها. احذر ما تكون لها سرورها مشوب بالحزن وصفوها مشوب بالكدر فلو كان الخالق لم يخبر عنها خبراً ولم يضرب لها مثلاً لكانت قد أيقظت النائم ونبهت الغافل وقد جا من الله عز وجل عنها زاجرٌ وفيها واعظ لقد عُرضت على نبينا صلّى الله عليه وسلّم مفاتيحها وخزائنها لاينقصه عند الله جناح بعوضة فأبى أن يقيمها وكره أن يحب ما أبغضه خالقه أو يرفع ما وضعه مليكه ،زواها الله عن الصالحين اختياراً وبسطها لأعدائه اغتراراً .أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها ونسي ما صنع الله بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حين شد على بطنه الحجر و الله ما أحد من الناس بسط له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به وإلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه ..)) [الخطب المنبرية].
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "إن الدنيا ليست بدار قرار، كتب الله عليها الفناء وكتب الله على أهلها منها الظعن، فكم من عامر مؤنق عما قليل يخرب، وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن. فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما يحضركم من النقلة وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)) [الخطب المنبرية].
ووصف علي بن أبى طالب رضي الله عنه الدنيا فقال: "دار من صح فيها هرم، ومن سقم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فتن. في حلالها حساب وفي حرامها النار" [عدة الصابرين].
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "الدنيا دار من لا دار له ومال من لامال له ولها يجمع من لاعقل له".
وقال أيضاً: "كل أحد في هذه الدنيا ضيف وماله عارية فالضيف مرتحل والعارية مؤداة" [عدة الصابرين].
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "يؤتي بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوزة شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوه خلقها فتشرف على الخلائق. فيقال: أتعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ الله من معرفة هذه. فيقال: هذه الدنيا التي تشاجرتم عليها، بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم وأغررتم ثم يُقذف بها في جهنم فتنادي أين اتباعي وأشياعي؟ فيقول الله عز وجل الحقوا بها أتباعها وأشياعها" [عدة الصابرين].
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ هو وأصحابه بسخلة ميتة لهم فقال لهم: هل ترون هذه هانت على أهلها؟ قالوا: نعم يا رسول الله فقال رسول الله: "والذي نفس محمد بيده للدنيا أهون على الله عز وجل من هذه على أهلها حين ألقوها" [أحـمد].
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "لو كانت الدنيا تعدل عندالله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء" [ الترمذي ].
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّميقول: "ألا إن الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالماً ومتعلّماً" [الترمذي].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغُ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يارب. ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط" [مسلم].

الصراط

الصّراط
يقول الله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا﴾ [ مريم : 71 ].
قال ابن جرير الطبري: وإن منكم أيها الناس إلا وارد جهنم كان على ربك يا محمد إيرادهموها قضاء مقضياً قد قضى ذلك وأوجبه في أم الكتاب .
قال ابن زيد في قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها وورود المشركين أن يدخلوها قال: وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم "الزالّون والزالاّت يومئذ كثير وقد أحاط الجسر سماطان من الملائكة دعواهم يومئذ يا الله سلّم سلّم" [الطبري].
أن حفصة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية " قالت : فقلت يا رسول الله أليس الله يقول ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ قال: "فلم تسمعيه يقول: ثم ننجِّي الذين اتّقوا ونذر الظالمين فيها جثياً" [الطبري].
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه بلغني أن الجسر أدقّ من الشّعرة وأحدّ من السيف. وفي رواية: أدقّ من الشعر" [مسلم].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه: ثم يُضرب الجسر على جهنم وتحلّ الشفاعة ويقولون اللهم سلّم سلّم .. قيل يا رسول الله وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة فيه خطاطين وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها سعدان فيمرّ المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكٍأجاويد الخيل والركاب فناج مسلّم ومخدوش مرسل ومنكوس في نار جهنم " [ مسلم ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه : فيأتون محمد صلّى الله عليه وسلّم فيقوم فيؤذن لهم وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً فيمرّ أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي أي شئ كمرّ البرق " قال: ألم تر ألى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمرّ الريح ثم كمرّ الطير وشدّ الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم صلّى الله عليه وسلّم قائم على الصراط يقول: يا رب سلّم سلّم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجئ الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً قال: في حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أُمرت بأخذها فمخدوش ناج ومنكوس في النار.والذي تفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً"[مسلم]
عن معاوية بن أنس الجهني رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من حمي مؤمنا من منافق (أراه قال) بعث الله ملكاً يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن رمي مؤمناً بشئ يريد شينه حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال . [ أبو داود ].

النفخة الأولى (الفزع – الصعق)

 القيامة الكبرى:
(أ) النفخة الأولى (الفزع – الصعق)
قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاء اللَّهُ﴾ [النمل: 87].
وقال تعالى:﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ.فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر:8-10]
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ. إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: 7-12].
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة: 13-15].
وقال تعالى: ﴿مَا يَنظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ. فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ [يس:49-50] (في أسواقهم وحوائجهم)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما الصور؟ قال: "قرنٌ يُنفخ فيه" [الترمذي].
عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كيف أنعم وصاحب الصور قد إلتقم القرن واستمع الإذن متى يُؤمر بالنفخ" فكأنّ ذلك ثقل على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لهم: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل". [الترمذي].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً
ولتقومنّ الساعة وقد ينشر رجلان ثوبهما بينهما فلا يبايعانه ولا يطويانه ... ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ... ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ... ولتقومنّ الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها" [رواه البخاري].
وقال صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل عند مسلم: "ثمّ ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلاّ أصغى ليتاً ورفع ليتاً. قال: فأول من يسمعه رجلٌ يلوط حوض إبله، قال: فيصعق ويصعق الناس".

النفخة الثانية (البعث والنشور)

النفخة الثانية: (البعث - والنشور)
قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68].
وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ [النبأ: 18].
وقال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ. قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: 51-52].
وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ. وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ. هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [الصافات: 19-21].
وقال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ. وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 20-22].
وقال تعالى: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ. إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ. يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ [ق: 41-44].
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل عند مسلم: "ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون ثم يقال: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسئولون" .
عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:"يُبعث كل عبد على ما مات عليه" [مسلم].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو فقال يا عبد الله: إن قُتلتَ صابراً محتسباً بُعثت صابراً محتسباً وإن قُتلت مرائياً مكاثراً بُعثت مرائياً مكاثراً على أيّ حال قاتلتَ أو قُتلتَ بعثك الله بتلك الحال" [أبو داود].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " والذي نفسي بيده لا يُكلم أحد في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وجرحه ينعث دماً اللون لون الدم والعرف عرف المسك " [متفق عليه].
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للذي مات في الحج : "فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" [متفق عليه].

إن للموت سكرات

إن للموت سكرات
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق].
عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا إله إلا الله إن للموت سكرات". [البخاري].
وقالت أيضاً: "مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي فلا أكره شدة الموت لأحد بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم".
لما حضر عمرو بن العاص الوفاة قال له ابنه يا أبتاه إنك لتقول لنا: ليتني رجلا عاقلاً لبيباً عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد وأنت ذلك الرجل فصف لي الموت . فقال: يا بني والله كأنّ جنبي في تخت وكأني أتنفس من سمّ إبرة ، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي الى هامتي ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في تلال الجبال أرعي الوعولا [التذكرة].
قال تعالى: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾
قال سيد قطب رحمه الله: "الموت أشد ما يحاول المخلوق البشري أن يروع منه أو يبعد شبخه عن خاطره ولكن أنّى له ذلك ...
والموت طالب لايمل الطلب ولايبطئ الخطّ ولايخلف الميعاد ... ويوحي هذا التعبير ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ بأن النفس البشرية ترى الحق كاملاً وهي في سكرات الموت تراه بلا حجاب وتدرك منه ما كانت تجهل وما كانت تجحد ولكن بعد فوات الأوان حين لاتنفع رؤية ولايجدي إدراك ولاتقبل توبة ولا يحسب إيمان ...
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: "سبحان الله إن للموت لسكرات" يقولها وهو قد اختار الرفيق الأعلى واشتاق الى لقاء الله فكيف بمن عداه ؟؟؟
وقال تعالى: ﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ﴾
قال سيد قطب عند تفسيرها: لنكاد نسمع صوت الحشرجة، ونبصر تقبض الملامح ونحس الكرب والضيق من خلال قوله ﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾. كما نكاد نبصر نظرة العجز وذهول اليأس في ملامح الحاضرين من خلال قوله ﴿وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ﴾. هنا في هذه اللحظة وقد فرغت الروح من أمر الدنيا وخلفت وراءها الأرض وما فيها وهي تستقبل عالماً لا عهد لها به، ولا تملك من أمره شيأً إلا ما ادّخرت من عمل وما كسبت من خير أو شر ...
هنا وهي ترى ولا تملك الحديث عما ترى وقد انفصلت عمن حولها وما حولها الجسد هو الذي يراه الناظرون ولكنهم ينظرون ولا يرون ما يجري ولايملكون من الأمر شيأً . هنا يعرفون ولا يجادلون إنهم عجزة عجزة قاصرون قاصرون. هنا يقف قدرة البشر وينتهي مجال البشر. هنا تنفرد القدرة الإلهية والعلو الإلهي ويخلص الأمر كله لله بلا شائبة ولاشبهة ولا جدال ولا محال ... ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاْ تُبْصِرُونَ﴾.

أولاً الصدق والإخلاص في العمل والنية

سلوك العـقلاء
(أولا) : الصدق والإخلاص في العمل والنية
إنّ العقلاء إذا تدبّروا آيات الكتاب العزيز وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم يدركون أنهم لا ينالون رضى الله وجنَّته إلا بالصدق والإخلاص في العمل والنية ... وأنّ كثرة الأعمال مع المداومة عليها لا تنفع أحداً إذا شابتها شوائب الشرك الظاهر أو الخفي. يقول الله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
وقال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
وقال: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر: 2-3]
وقال: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي. فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ﴾ [الزمر: 14-15].
وقال: ﴿قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ﴾ [آل عمران: 29].
وفي الحديث: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" . [متفق عليه]
وفي الحديث: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمِل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" [مسلم].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال"؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: "الشرك الخفيّ، يقوم الرجل فيصلِّي فيزيِّن صلاته لما يرى من نظر رجل" . [أحـمد].
عن شداد بن أوس مرفوعاً: "من صلّى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك وأن الله عز وجل يقول: أنا خير قسم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئاً فإن جدّة عمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به. وأنا عنه غنيٌّ" . [أحـمد].
قال شداد بن أوس رضي الله عنه: "كنّا نعدّ الرياء على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الشرك الأصغر" .
وهذا بحسب حال صاحبه فقد يصل ببعض الناس إلى الشرك الأكبر. ونجاة العبد منوطةٌ بالإخلاص والمتابعة وهي شرطٌ لصحة الأعمال وقبولها عند الله ولا خلاف في ذلك:
قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ قال: "أخلصه وأصوبه"، قيل: يا أبا عليّ ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل. وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنّة" .
إن الطاعة التي أمرها الله من الصلاة والزكاة والحج والجهاد وتعليم القرآن وأصول الدِّين والحديث، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بوظيفة الإمامة في المسجد أو التأذين للصلاة وغير ذلك من الأعمال الظاهرة، إنما شُرعت لطلب القربة إلى الله ونيل الجنة والنجاة من النار، فمن أدّاها بهذه النية فهو المخلص لله في عمله. ومن أدّاها بنية كسب ثناء الناس، أو جمع الدنيا .. فهو المشرك الخاسر الذي يجازي بحسناته في الدنيا وليس له في الآخرة حسنة:
قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [هود: 15-16].
وفي حديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الثلاثة الذين هم أول من تُسعَّرُ بهم النار يوم القيامة: رجلٌ قارئٌ كان يقوم به آناء الليل وآناء النهار. وكان قصده كسب ثناء الناس ليقال له "قارئ", ورجل كثير المال والصدقة أنفق ماله ليقال له "جوّاد", وآخر قتل في سبيل الله وكان قصده أن يُقال "جرئ", ولذلك فإن الذي علّمه القرآن والفقه في الدين عليه أن يعلم أن تعليم النّاس القرآن -صغاراً وكباراً- وتفقيههم في دينهم طاعة من الطاعات الواجبة عليه, وأن عليه القيام بها سواء أعطاه الناس شيأً أم لم يعطوه شيأً, لأنه عبدٌ مكلّفٌ من قبل ربّه العظيم. وعليه أن يقسم وقته, ويجلس حيناً لتعليم الناس وحيناً لطلب معاشه. فإن قيّض الله له من يعينه في الله عملاً بقوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البرِّ والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ ويعطيه حتى يقدر على تعليم خلق كثير وإعطاء هذه الوظيفة وقتاً طويلاً .. فلا بأس بأخذه ذلك. وليست هي أجرة للتعليم وإنما هي تعاون على البرّ والتقوى الذي أمره الله .. ونيته أن يقوم بهذا الواجب الإلهي سواء أعطي أم لم يعط . فهذه هي طر يقة المعلّم والقارئ المخلص الذي يبتغي بعمله وجه الله .
أما الذي لا يعلّم أحداً إلا بالأجرة المعينة, فإن انقطعت عنه يترك التعليم أو إمامة الناس في الصلاة أو التأذين لها فهذا لا خير فيه وله نصيب من الشرك لأنه يعمل بطاعة الله لأجل الدنيا , وقد أكل حسناته في الدنيا .
وقد أفتى الإمام أحمد رحمه الله بترك الصلاة خلف الإمام الذي يؤم الناس بالأجرة , فإن انقطعت عنه الأجرة ترك الإمامة .. وذلك لعدم إخلاصه.
وهذا كمثل رجل يجاهد في سبيل الله بالأجرة فإن أُعطي جاهد وإن لم يُعط رجع .. فليس جهاده في سبيل الله .
أما آخذ الأجرة على الطبّ المباح فلا بأس به سواء كان ما يطبّ الناس به أدوية وعقاقير أو كانت أدعية وآيات من القرآن وقد فعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم مرّةً في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّ الطبّ ليس طاعة واجبة على المسلم وإنما هو داخلٌ في المباحات. ولما أخبرب إمرأةٌ النبي صلّى الله عليه وسلّم بمرضها وطلبت منه أن يدعو الله لها .. قال لها: "أو تصبري ولك الجنّة" أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم .

ثالثاً قصر الأمل

(ثالثاً) قصر الأمل
قال تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 64].
وقال تعالى : ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ﴾ [ القصص : 79-60 ].
وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: 14]
وقال تعالى: ﴿وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [ الحديد : 20 ].
وقال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾[ التكاثر:1-2].
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [ التكاثر : 8 ].
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. [البخاري].
قال الإمام النوويّ: "قالوا في شرح هذا الحديث لا تركن الى الدنيا ولا تتخذها وطناً ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالإعتناء بها ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى أهله" .
عن عبد بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلت يا رسول الله لو اتّخذنا لك وطاء فقال: "ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها" [الترمذي].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "مثل الدنيا وأهلها ما مثلها به النبي صلّى الله عليه وسلّم كظلّ شجرة والمرء مسافر فيها إلى الله فاستظلّ في ظلّ تلك الشجرة في يوم صائف ثم راح وتركها ... فتأمل حسن هذا المثال ومطابقته للواقع سواء. فإنها في خضرتها كشجرة وفي سرعة انقضائها وقبضها شيئاً فشيئاً كالظلّ، والعبد مسافر إلى ربّه والمسافر إذا رأى شجرة في يوم صائف لا يحسن به أن يبني تحتها داراً ولا يتّخذها قراراً بل يستظلّ بها قدر الحاجة ومتى زاد على ذلك انقطع عن الرفاق" [عدّة الصابرين].
عن أم سليم قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "اصبري فو الله ما في آل محمّد شيء منذ سبع ولا أوقد تحت برمة لهم منذ ثلاث والله لو سألت الله أن يجعل جبال تهامة كلها ذهباً لفعل" [الطبراني].
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "مرَّ علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن نعالج خصاً لنا فقال ما هذا؟ فقلنا قد وهي ونحن نصلحه.فقال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك" [الترمذي].
عن خالد بن عمير العدوي قال: "خطبنا عتبة بن غزوان وكان أميراً على البصرة فحمد الله وأثنى عليه ... ثم قال: أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولّت حذّاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يُلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين لا يُدرك لها قعراً والله لتملأنَّ ... أفعجبتم؟ ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما لنا طعام إلا ورق الشجرة حتى قرحت أشداقنا فالتفظت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فأتّزرتُ بنصفها واتّزر سعد بنصفها فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميراً على مصر من الأمصار وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وعند الله صغيراً" . [مسلم].
وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "إن الدنيا قد ارتحلتْ مدبرةً وإنّ الآخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبنا الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل". [ابن رجب].
وقال عيسى عليه السلام لأصحابه: "من ذا الذي يبني على مرج البحر داراً؟ تلكم الدنيا فلا تتّخذوها قراراً" .
وقال أيضاً: "اعبروها ولا تعمروها" . [ابن رجب].
قال يونس بن عبد الأعلى: "ما شبهت الدنيا إلا كرجلٍ نام فرآى في منامه ما يكره وما يحبّ ثم انتبه". [عدّة الصابرين].
لما أمر الوليد بن عبد الملك بهدم حجر أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم لتوسعة المسجد النبوي قال عطاء سعمتُ سعيد ين المسيب يقول يومئذ: والله لوددتُ أنهم تركوها على حالها ينشأ ناشئ من أهل المدينة ويقدّم القادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته ومفاتيح خزائن الدنيا بيده". [نفحات من منبرة الرسول].
قال الإمام ابن حجر في الفتح: "قصر الأمل سبب الزهد لأن من قصر أمله زهد ... ويتولد من طول الأمل الكسل بالطاعة والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا والنسيان للآخرة والقسوة في القلب، لأنّ رقّته وصفاؤه إنما يقع لتذكير الموت والقبر والثواب والعذاب وأهوال القيامة، كما قال تعالى: ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ .

ثانياً الزهد في الدنيا

(ثانياً) الزهد في الدنيا
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر:5].
وقال تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ [الإسراء: 18].
وقال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ [الكهف: 46].
وقال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [مريم: 59-60 ].
عن أنس بن ما لك رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "اللّهم لا عيش إلا عيش الآخرة" [متفق عليه ].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " صلاح أول هذه الأمة بالزهادة واليقين وهلاك آخرها بالبخل والأمل " [طبراني وابن أبي الدنيا].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس" [الترمذي].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافاً وقنعه الله بما أتاه" [مسلم].
عن أبي كريمة المقدام بن معديكرب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه بحسب ابن آدم أكلاتٌ يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لِنَفَسِهِ"[الترمذي]
عن عبد الله الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد سأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال عبد الله: ألك إمرأة تأوي اليها؟ قال: نعم. قال : ألك مسكن تسكنه؟ قال نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادماً. قال: فأنت من الملوك"
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالماً ومتعلِّماً" [لترمذي].
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "من أصبح منكم آمناً في سربه معافياً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" [الترمذي].
عن عبد الله بن شخير عن أبيه رضي الله عنه قال: انتهيت الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرؤ الهاكم التكاثر ويقول: ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبستَ فأبليتَ أو تصدقتَ فأمضيتَ" [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفني أو لبس فأبلى أو تصدق فأمضي, وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس" [مسلم]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: انظروا الى من هو أسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" [متفق عليه].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء رجل الى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله دُلني على عمل إذا عملتُه أحبّني الله وأحبّني الناس. فقال:"ازهد في الدنيا يحبّك الله وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس" [ابن ماجه].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "يتبع الميت ثلاثة: أهله ومالُه وعملُه فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهلُه ومالُه ويبقى عملُه" [ متفق عليه ].
عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" [الترمذي ].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغبة. ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له" [ الترمذي ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن الله يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنىً وأشدُّ فقرك وأن لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أشدّ فقرك" [الترمذي].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر وجلسنا حوله فقال: إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" [متفق عليه].
وفي الحديث: "والله ما الفقر أخشى عليكم ولكنّي أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" [متفق عليه]
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:"تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يُعط لم يرض"[ البخاري ]
قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: "والله لئن يُقدَّم أحدكم فتُضرب عنقه في غير حدٍّ خير له من أن يخوض غمرات الدنيا" [عدة الصابرين].
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما يسرّني أن عندي مثل أُحد هذا من ذهب تمضي عليَّ ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلاّ شئ أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله وعن خلفه ثم سار فقال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه وقليل ماهم" [البخاري].
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا حسد إلا في اثنين: رجلٌ آتاه الله مالاً فسلّطه على هلكته في الحقّ ورجلٌ آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِّمها" [متّفق عليه].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أيّكم مال وارثه أحبّ إليه من ماله؟ قالوا يا رسول الله: ما منّا أحد إلا ماله أحبّ إليه. قال: ماله ما قدّم ومال وارثه ما أخَّر" [البخاري].
عن أبي أمامة صدي بن عجلان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك وأن تُمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وأبدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى". [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اللهم اجعل رزق آل محمّد قوتاً" [متفق عليه].
عن أنس رضي الله عنه قال: لقد رهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم درعه بشعير ومشيت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بخبز شعير وأهالة سنخة، ولقد سمعته يقول:ما أصبح لآل محمّد صاع ولا أمسى وإنهم لتسعة أبيات" [البخاري].
عن النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا، فقال لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه". [مسلم].
عن عمروبن الحارث أخي جويرة بنت حارث أم المؤمنين رضي الله عنها قال: "ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند موته ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أَمةً ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة". [البخاري].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهوديّ في ثلاثين صاعاً من شعير". [متفق عليه].
سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن الرجل يكون معه ألف دينار هل يكون زاهداً؟ قال: نعم بشرط أن لا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت". [عدّة الصابرين].
قال الحسن البصري رحمه الله: "لقد أدركت أقواماً وصحبت طوائف فما كانوا يفرحون من شيء من الدنيا أقبل ولا يحزنون على شيء أدبر وكانت في أعينهم أهون من التراب الذي يطوف عليه، وكانوا عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم وكانوا إذا جنّ الليل قاموا وافترشوا
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء". [مدارج السالكين].
وقال ابن القيم رحمه الله: "وسمعتُ شيخ الإسلام يقول: "الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ... والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة".

حسن الظن بالله

حسن الظن بالله
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول قبل وفاته بثلاثة أيام: "لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظنّ بالله" [البخاري].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل على شاب وهو في الموت فقال: كيف تجدك؟ فقال أرجو الله يا رسول الله وأخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف" [ابن ماجه – الترمذي].
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من أحبّ لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه . فقالت عائشة رضي الله عنه -أو بعض أزواجه- إنا لنكره الموت. فقال: ليس ذاك ولكن المؤمن إذا حضره الموت يُبشر برضوان الله وكرامته فليس شيئ أحب اليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه .. وإن الكافر إذا حضره الموت يُبشر بعذاب الله وعقوبته فليس شئ أكره الله مما أمامه فكره لقاء الله وكره الله لقاءه)) [البخاري]
فقد روي عن عائشة رضي الله عنه في تفسير هذا الحديث أنها قالت لشريح بن هانئ وقد سألها عما سمعه من أبي هريرة: قالت: وليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر وحشرج الصدر واقشعرّ الجلد وتشتت الأصابع فعند ذلك من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" [مسلم].
وقال الحسن البصري رحمه الله: "إن قوماً ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة ويقول أحدهم: إني أحسن الظن بربّي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل وتلا قوله تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [ التذكرة ].

ذكر هاذم اللذّات

(القيامة الصغرى)
(أ) ذكر هاذم اللذات
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك].
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء].
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزمر ].
﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [الم السجدة].
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاْلِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن].
﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم.َ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ. فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [ الواقعة ].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لايتمنّ أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنياً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لّي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لّي [متفق عليه].
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يتمنينّ أحدكم الموت ولايدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لايزيد المؤمن عمره إلاّ خيراً" [مسلم].
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة" [تذكرة القرطبي].
قال العلماء: "الموت ليس بعدم محض ولافناء صرف،وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتبدّل حال، وانتقال من دار الى دار. وهو من أعظم المصائب وقد سمّاه الله تعالى مصيبة ﴿فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ فالموت هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى وأعظم منه الغفلة منه والإعراض عن ذكره وقلة التفكر فيه وترك العمل له، وأن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر" [تذكرة القرطبي ].
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اكثروا ذكر هاذم اللذات" يعني الموت [ الترمذي النسائي ]
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه" [الترمذي ].
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال:كنت جالساّ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء رجل من الأنصار فسلّم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خُلُقاً قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس )) [مالك/ابن ماجه].
وكان يزيد الرقاش يقول لنفسه: ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي عنك ربك بعد الموت؟ ثم يقول أيها الناس: "ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم من الموت موعده والقبر بيته، والثرى فراشه، والدود أنيسه وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر كيف يكون حاله؟". [ التذكرة ].
وقال اللفاف: "من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والكسل عن العبادة. فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته وصعوبة كأسه ومرارته. فيا للموت من وعد ما أصدقه ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب ومبكياً للعيون ومفرقاً للجماعات وهاذماً للذات وقاطعاً للأمنيات) [التذكرة].
وقال التيمى:"شيئان قطعاعني لذات الدنيا ذكر الموت وذكر الوقوف بين يدي الله تعالى" [التذكرة].
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي الله عنهكثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:
لا شئ مما ترى تبقى بشاشته يبقي الإله ويفني المال والولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولاسليمان إذ تجري الرياح به والجن والإنس فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها من كل أوب إليها وافد يفد
حوض هنالك مورد بلا كذب لابد من ورده يوماً كما وردوا
وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾
قال سيد قطب رحه الله عند هذه الآية: "إنه لابد من استقرار هذه الحقيقة في النفس، حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة محدودة بأجل ثم تأتي نهايتها حتماً. يموت الصالحون ويموت الطالحون، يموت المجاهدون ويموت القاعدون، يموت المستعلون بالعقيدة ويموت المستذلون للعبيد، يموت الشجعان الذين يأبون الضيم، ويموت الجبناء الحريصون على الحياة بأي ثمن ..
يموت ذوو الإهتمامات الكبيرة والأهداف العالية ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص الكل يموت ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كل نفس تذوق هذه الجرعة وتفارق هذه الحياة لا فارق بين نفس ونفس في تذوق هذه الجرعة من هذه الكأس الدائرة على الجميع ).

رحلة الروح إلى السماء

(ب) رحلة الروح إلى السماء
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ [النحل: 32].
وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ﴾ [النحل: 28]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إذا خرجت روح العبد تلقّاها ملكان يصعدان بها قال حماد: فذكر من طيب ريحها وذكر المسك. قال ويقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قِبل الأرض صلَّى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فينطلق بها إلى ربه ثم يقول انطلقوا به إلى آخر الأجل ... وإن الكافر إذا خرجت روحه قال حماد: وذكر من نتنها وذكر لعناً يقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قِبل الأرض قال: فيقال: انطلقوا بها إلى آخر الأجل. قال أبو هريرة رضي الله عنه فردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا." [مسلم].
وفي حديث طويل: "وأما العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مدّ البصر ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتفرّق في جسده فينتزعها كما يُنتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وُجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الرّوح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يُسمى بها في الدنيا حتى يُنتهى به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ﴿لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ فيقول الله عز وجلّ: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلي فتطرح روحه طرحاً. ثم قرأ: ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [ أحمد/ أبو داود ].
عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مُرّ عليه جنازة فقال: مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله: ما المستريح والمستراح منه؟ قال: "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها الى رحمة الله عز وجل والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب" [البخاري].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : اسرعوا بالجنازة فإن تلك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشرّ تضعونه عن رقابكم. [متفق عليه].
عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدّموني قدّموني وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمعه لصعق. [البخاري ].
عن جابر رضي الله عنه مرّ جنازة فقام لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقمنا معه فقلنا يا رسول الله إنها يهودية. فقال: "إن للموت فزعاً فإذا رأيتم الجنازة فقوموا" [متفق عليه] .

سلوك العقلاء

سلوك العـقلاء
(أولا) : الصدق والإخلاص في العمل والنية
إنّ العقلاء إذا تدبّروا آيات الكتاب العزيز وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم يدركون أنهم لا ينالون رضى الله وجنَّته إلا بالصدق والإخلاص في العمل والنية ... وأنّ كثرة الأعمال مع المداومة عليها لا تنفع أحداً إذا شابتها شوائب الشرك الظاهر أو الخفي. يقول الله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
وقال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
وقال: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر: 2-3]
وقال: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي. فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ﴾ [الزمر: 14-15].
وقال: ﴿قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ﴾ [آل عمران: 29].
وفي الحديث: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" . [متفق عليه]
وفي الحديث: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمِل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" [مسلم].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال"؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: "الشرك الخفيّ، يقوم الرجل فيصلِّي فيزيِّن صلاته لما يرى من نظر رجل" . [أحـمد].
عن شداد بن أوس مرفوعاً: "من صلّى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك وأن الله عز وجل يقول: أنا خير قسم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئاً فإن جدّة عمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به. وأنا عنه غنيٌّ" . [أحـمد].
قال شداد بن أوس رضي الله عنه: "كنّا نعدّ الرياء على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الشرك الأصغر" .
وهذا بحسب حال صاحبه فقد يصل ببعض الناس إلى الشرك الأكبر. ونجاة العبد منوطةٌ بالإخلاص والمتابعة وهي شرطٌ لصحة الأعمال وقبولها عند الله ولا خلاف في ذلك:
قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ قال: "أخلصه وأصوبه"، قيل: يا أبا عليّ ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل. وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنّة" .
إن الطاعة التي أمرها الله من الصلاة والزكاة والحج والجهاد وتعليم القرآن وأصول الدِّين والحديث، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بوظيفة الإمامة في المسجد أو التأذين للصلاة وغير ذلك من الأعمال الظاهرة، إنما شُرعت لطلب القربة إلى الله ونيل الجنة والنجاة من النار، فمن أدّاها بهذه النية فهو المخلص لله في عمله. ومن أدّاها بنية كسب ثناء الناس، أو جمع الدنيا .. فهو المشرك الخاسر الذي يجازي بحسناته في الدنيا وليس له في الآخرة حسنة:
قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [هود: 15-16].
وفي حديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الثلاثة الذين هم أول من تُسعَّرُ بهم النار يوم القيامة: رجلٌ قارئٌ كان يقوم به آناء الليل وآناء النهار. وكان قصده كسب ثناء الناس ليقال له "قارئ", ورجل كثير المال والصدقة أنفق ماله ليقال له "جوّاد", وآخر قتل في سبيل الله وكان قصده أن يُقال "جرئ", ولذلك فإن الذي علّمه القرآن والفقه في الدين عليه أن يعلم أن تعليم النّاس القرآن -صغاراً وكباراً- وتفقيههم في دينهم طاعة من الطاعات الواجبة عليه, وأن عليه القيام بها سواء أعطاه الناس شيأً أم لم يعطوه شيأً, لأنه عبدٌ مكلّفٌ من قبل ربّه العظيم. وعليه أن يقسم وقته, ويجلس حيناً لتعليم الناس وحيناً لطلب معاشه. فإن قيّض الله له من يعينه في الله عملاً بقوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البرِّ والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ ويعطيه حتى يقدر على تعليم خلق كثير وإعطاء هذه الوظيفة وقتاً طويلاً .. فلا بأس بأخذه ذلك. وليست هي أجرة للتعليم وإنما هي تعاون على البرّ والتقوى الذي أمره الله .. ونيته أن يقوم بهذا الواجب الإلهي سواء أعطي أم لم يعط . فهذه هي طر يقة المعلّم والقارئ المخلص الذي يبتغي بعمله وجه الله .
أما الذي لا يعلّم أحداً إلا بالأجرة المعينة, فإن انقطعت عنه يترك التعليم أو إمامة الناس في الصلاة أو التأذين لها فهذا لا خير فيه وله نصيب من الشرك لأنه يعمل بطاعة الله لأجل الدنيا , وقد أكل حسناته في الدنيا .
وقد أفتى الإمام أحمد رحمه الله بترك الصلاة خلف الإمام الذي يؤم الناس بالأجرة , فإن انقطعت عنه الأجرة ترك الإمامة .. وذلك لعدم إخلاصه.
وهذا كمثل رجل يجاهد في سبيل الله بالأجرة فإن أُعطي جاهد وإن لم يُعط رجع .. فليس جهاده في سبيل الله .
أما آخذ الأجرة على الطبّ المباح فلا بأس به سواء كان ما يطبّ الناس به أدوية وعقاقير أو كانت أدعية وآيات من القرآن وقد فعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم مرّةً في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّ الطبّ ليس طاعة واجبة على المسلم وإنما هو داخلٌ في المباحات. ولما أخبرب إمرأةٌ النبي صلّى الله عليه وسلّم بمرضها وطلبت منه أن يدعو الله لها .. قال لها: "أو تصبري ولك الجنّة" أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم .

شهادة أركان الكافر والمنافق عليهما

شهادة أركان الكافر والمنافق عليهما
قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [يس : 65].
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [ النور :24 ]
وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: 21].
عن أنس رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فضحك فقال هل تدرون مم أضحك قلنا: الله ورسوله أعلم قال: من مخاطبة العبد ربّه يقول يا ربّ ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول بلى قال فيقول فإني لا أجير على نفس إلا شاهداً مني قال: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً, فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله قال ثم يخلي بينه وبين الكلام قال فيقول بعداً لكنّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل" [ مسلم ].

شهادة الأرض والمال

شهادة الأرض والمال
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ قال: هل تدرون ما أخبارها؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمّة بما عمل على ظهرها تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا فهذه أخبارها" [الترمذيّ].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن هذا المال خضر حلو ونعم صاحب المسلم هذا لمن أعطى المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال . وإنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيداً يوم القيامة" [مسلم].

شهادة هذه الأمة

شهادة هذه الأمة
عن أبي سعيد الخدري قال: قال يجئ النبي يوم القيامة ومعه الرجلان ويجئ النبي ومعه الثلاثة وأكثر من ذلك وأقل فيقال له هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا. فيقال من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فتدعى أمة محمّد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون نعم. فيقال وما عليكم بذلك فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلّغوا فصدقناه قال فذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[ابن ماجه].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا ربّ فيقول هل بلّغت؟ فيقول نعم فيقال لأمته هل بلّغكم فيقولون ما أتانا من نذير. فيقول: من يشهد لك فيقول: محمّد وأمته. فيشهدون أنه قد بلّغ " [البخاري].

ما ينجى من أهوال يوم القيامة ومن كربه

ما ينجي من أهوال يوم القيامة ومن كربه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " [مسلم ].
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول من سرّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه" [مسلم].
عن أبي اليسر كعب بن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله " [ مسلم ].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له شئ من الخير إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال: قال الله عز وجل: أنا أحق بذلك منه تجاوزوا عن عبدي" [مسلم].
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدّم , وينظر أيسر منه فلا يرى إلا ما قدّم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة " [مسلم].
وفي رواية للبخاري " فمن لم يجد فبكلمة طيبة "
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى . ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرّقا ورجل دعته إمرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" [متفق عليه].
عن النواس بن سمعان الكلابي قال سمعت رسول الله يقول: يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران وضرب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صوافّ تحاجّان عن صاحبهما [ مسلم ].
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من ردّ عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة " [ الترمذيّ ].

ما ينجي المؤمن من عذاب القبر

ما ينجي المؤمن من عذاب القبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " من مات مرابطاً في سبيل الله أجرى الله عليه عمله الصالح الذي كان يعمل وأُجري رزقه وأمن من فتنة القبر ويبعثه الله آمناً من الفزع الأكبر " [ ابن ماجه ].
عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جزي عمله الذي كان يعمله وأُجري عليه رزقه وأمن من الفتان" [مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [مسلم].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد. يرجع أهله وماله ويبقى عمله" [متفق عليه].

هول المطّلع وفظاعة القبر

هول المطلع وفظاعة القبر
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تمنوا الموت فإن هول المطّلع شديد" [أحـمد]
ولما طُعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له رجل إني لأرجو أن لا تمس جلدك النار فنظر إليه وقال: "أن من غررتموه لمغرور والله لو أن لي ما على الأرض لأفتديت به من هول المطّلع" [التذكرة].
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وضاحك بملئ فيه لا يدري أأرضى الله أم أسخطه!!!.
وأبكاني فراق الأحبّة محمد صلّى الله عليه وسلّم وحزبه وهول المطّلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله يوم تبدو السريرة علانية ثم لا يدري إلى الجنة أو إلى النار. [ التذكرة ].
ولما حضر الإمام الشافعي رحمه الله الوفاة سأله بعض أصحابه: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال: أصبحت عن الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، وعلى الله عز وجل وارداً ولا أدري أيؤمر بي إلى الجنة أو يؤمر بي إلى النار. [نفحات من منبر الرسول].
عن هاني قال: كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبلّ لحيته فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا؟ قال: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج فما بعده أشدّ منه ...
قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه.
وروي أن عثمان أنشد على قبر :
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجياً [التذكرة].
القبر: منـزل قد ترتحل إليه بعد لحظات أو سويعات أو سنوات ولا يشك مسلم أن ذلك لا محالة آت.
القبر: إنه المنظر الذي به يرق القلب وتدمع العين، يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة ويورث العظة والاعتبار يجعل العبد يتيقظ من غفلته وينسلخ من إحضان أحلامه وسهوته .
القبر: تلك الحفرة الضيقة التي لا أنيس فيها ولا جليس ولا صديق ولا سمير العمل الصالح أنيس العبد في قبره ومزيلة وحشته في رممه .
القبر: يضمّ بين جوانه جثثاً هامدة لا حراك بها ولا نفس في عروقها يضمّ الأجسام البالية، العظام النخرة، الأشلاء المبعثرة والأوصال المتقطعة .
القبر: موطن العظماء والحقراء، والحكماء والسفهاء، ومنْزل الصالحين السعداء، والطالحين الأشقياء، والسكون يرفرف على قضائه، والرهبة تنتشر بين أجوائه فيه سؤال والمناقشة، والتوفيق والتثبيت إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
القبر: يعظ الأحياء بصمت ليذكرهم بالمآل الذي لا بد منه فيدفعهم ذلك إلى سيادة الإستعداد ليوم المعاد .
هذه القبور ظواهرها تراب وبواطنها حسرات وعذاب إنها فتنة القبر التي جعلت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يترك صلاة إلا ويستعيذ من عذاب القبر فيقول: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا، والممات ومن فتنة المسيح الدجال" [ابن ماجه].
ويقول لأصحابه صلّى الله عليه وسلّم:"استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حقّ" [أحمد].
أخرج الترمذي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة".
كان عطاء رحمه الله إذا جنّ الليل خرج إلى المقبرة ثم يقول: غداً عطاء في القبور . [ نفحات من منبر الرسول ].
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذا نظر إلى القبور بكى ثم قال: "هذه قبور آبائي كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشتهم أما تراهم صرعى قد حلت بهم المثلات واستحكم منهم البلي وأصابتهم الهوام في أبدانهم" .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إن العبد إذا وُضع في قبره وتولى عنه وأصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلّى الله عليه وسلّم فأما المؤمن
فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً. قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره أربعون ذراعاً .. وقال مسلم: سبعون ذراعاً ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون " [مسلم].
وفي رواية عند أحمد وأبي داود: "فينادي مناد في السماء: أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة والبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويُفسح له في قبره مدّ بصره قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرّك هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجئ بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: ربّ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي " .
وفي حديث أنس رضي الله عنه الطويل عند مسلم "وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال: لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين " .
وفي رواية عند أحـمد وأبي داود: أما الكافر:فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري. فيقولان: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي مناد من السماء أن كذّب عبدي فافرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرّها وسمومها ويضيق عليه قبرُه حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتنّ الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: من أنت فوجهك الوجه الذي يجئ بالشر ؟ فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول : ربّ لا تقم الساعة " .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة " [ البيهقي ].
عن أم حبيبة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم رضي الله عنها قالت: سمعني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أقول: اللهم امتعني زوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال: لقد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل (الله) شيأً قبل أجله ولا يؤخره ولو كنت تسألين الله أن يعيذك من النار وعذاب القبر كان خيراً وأفضل"[مسلم]
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ " [ البيهقي ].
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: هذا الذي تحرّك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لقد ضمّ ضمةً ثم فرّج عنه" [ النسائ ].
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال إن عذاب القبر حق وإنهم يعذّبون في قبورهم عذاباً تسمعهم البهائم" [متفق عليه].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بول" [متفق عليه] .
عن زيد بن ثابت قال: بينما النبي صلّى الله عليه وسلّم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمِعكم من عذاب القبر الذي أسمع. [مسلم].
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم . [أبو داود].
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما يكثر أن يقول لأصحابه " هل راى أحد منكم رؤيا ؟" فيقصّ عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: "إنه أتياني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق واني انطلقت معهما. وإنا أتينا على مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصّح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرّة الأولى" .
وفسر في آخر الحديث: "إنه الرجل الذي يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة". وفي رواية "فيفعل به إلى يوم القيامة" .
وفيه "فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد،وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، قال وربما قال أبو رجاء فيشقّ. قال: ثم يتحولُ إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ".
وفسّر في آخر الحديث: "أنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق" وفي رواية "فيفعل به إلى يوم القيامة"
وفيه " فأتينا على مثل التنور –فأحبّ أنه كان يقول– فإذا فيه لغط وأصوات قال : فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذاهم يأتيهم لهب منهم من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا (علت أصواتهم) " .
وجاء في آخر الحديث: "فإنهم الزناة والزواني" وفي رواية "فيفعل به إلى يوم القيامة"
وفيه "فأتينا على نهر –حسبت أنه كان يقول:- أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة . فيفغر فاه فيلقمه حجراً فينطلق فيسبح ثم يرجع كلما رجع إليه فغر فاه فألقمه حجراً" .
وجاء في آخر الحديث: "فإنه آكل الربا" وفي رواية "فيفعل به إلى يوم القيامة" [البخاري].


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping