(7) زاد الطريق إن هذا الطريق الذي شرعه الله للمؤمنين أن يسلكوه طريق يحتاج إلى بذل النفس والمال طريق محفوف بالأخطار والأعداء، ولا مفرّ لسالكه من ملاقاة المحن والشدائد. إنَّ هذا الطريق أوجب الله سلوكه لابتلاء المؤمنين، واختبار إيمانِهم بألوهية الله وعبودية البشر، واختبار إيمانِهم بالبعث والجزاء. وكأنَّ الله يقول لهم: "إذا اعتقدتم أنِّي إلهكم وأنتم عبادي، وأنِّي وهبتُ لكم الأنفس والأموال. واعتقدتم كذلك أنِّي قادرٌ على البعث والجزاء. إذا اعتقدتم كلّ ذلك فابذلوا الأنفس والأموال في سبيلي، ولا تبخلوا بشيء من ذلك، واسلكوا هذا الطريق الذي فيه ذهاب النفس والمال. ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: 111]. والله تعالى يعلم مراتب الناس في الاستجابة لندائه، يعلم المعرضين عن أمره الذين ألهتهم الحياة الدنيا، ولم يبق لهم وقت يتعرّفون به الطريق الذين ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الحشر: 19]. ويعلم المتردِّدين المنافقين، الذين يشكُّون في أن سعادتهم في سلوك هذا الطريق على مشقّته في الظاهر ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ [التوبة: 45]. ويعلم الله المؤمنين الصادقين الذين لا يبخلون بأنفسهم وأموالهم ويبذلونَها في سبيله رجاء الجنة والمغفرة بإذنه، والذين لا يشكُّون في أنّ سعادتهم في الدنيا والآخرة في اتّباع أمر الله. الذين يقولون: ﴿رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53]. ويقولون: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 147]. إن الله تعالى يعين أولئك المؤمنين الصادقين الذين يستعينون به في وظيفة العبادة، فيُعطيهم الزاد الذي يكفيهم في رحلتهم، ويرشدهم إلى المصدر الذي يجدون عنده دائما العون والمدد. ومن العبادات التي جعلها الله زاداً للمؤمنين وأمرهم بالحرص عليها والاستزادة منها ما يأتي :