(ب) وجود الكفر : لما سجد الملائكة كلّهم لآدم عليه السلام. امتثالاً لأمر الله أبى إبليس أن يكون مع الساجدين، فصار بِهذا الاٍباء والاستكبار كافراً عدو الله، ولكنّه سأل الله أن يمهله إلى قيام الساعة. فأعطاه الله ما سأله، فقال عندئذ: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر : 39-40]. وقال تعالى: ﴿لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: 118]. وقال تعالى: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 62]. وقد وقع ما ظنّه إبليس. فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: 20]. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ [يـس : 62]. وليس للمؤمن إذاً أن يستغرب وجود "الكفار" وغلبتهم الظاهرة في بعض الأجيال. فهذه "سنة" تجري بمشيئة الله وعلمه، وإنّما عليه أن يتلقَّى من الله الموقف الذي يقفه منهم، وطريقة تعامله معهم . وقد أخبرنا الله أنّه قادرٌ على الإنتصار عليهم، ولكنّه يريد أن يَختبر إيمان الذين قالوا "آمنّا". ففرض عليهم دخول المعركة لملاقاة جحافل الشيطان. قال تعالى: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد :4]. وقال تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76].