(أ) وجود الإيمان : الإيمانُ هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها كما قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم : 30]. وكما قال صلى الله عليه وسلم: «كلّ مولودٍ يولد على الفطرة». [متفق عليه]. وقد خلق الله آدم عليه السلام وزوجته مؤمنين, بل إنّ آدم عليه السلام كان نبياً من أنبياء الله، ولما أسكنه الله الأرض وعده بأنه سينْزل (الهدى) إلى ذرّيته. قال تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة :38]. وقد وفي الله بعهده، وكان يرسل رسله كلّما كادت معالم الحقّ أن تنطمس. قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى﴾ [المؤمنون: 44]. وكان آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله إلى البشرية كافةً بعد أن تغيَّرتْ الكتب السابقة كالتوراة والانجيل بما أصابِها من التحريف. وأصبحت غير قابلة للاهتداء بِها. وكان الناسُ في ذلك الوقت في غاية الضلال والجهل. إلاّ بقايا من أهل الكتاب. وقد أنزل الله عليه القرآن, ووعد بحفظه من التبديل والتحريف. قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن وجود أهل الحق من المؤمنين سيكون مستمراً إلى قُبيل قيام السّاعة. فقد جاء في الحديث: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون» [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض الله الله» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة إلاّ على شرار الخلق، وهم شرّ أهل الجاهلية» [الحاكم]. فاذا عرفت أن وجود الإيمان "سنة ثابتة" فإنك ستعرف أن جَميع الجهود الجبّارة ألتي تبذل لإزالة الإيمان والإسلام من الوجود سوف تبوء بالفشل والخيبة.