[ي] ومنها : أن الله تعالى بيّن أنه يريد من الناس أن يتّخذوه ملكاً لهم ولا يسمّى ملكاً من لا يطاع أوامره ولا يجتنب نواهيه. وقد وصف الله تعالى نفسه بأنه ملك الناس والملك الحقّ ومالك الملك. قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ﴾ [الناس: 1-2] وقال تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ [طه: 114]. وقال تعالى: ﴿لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ﴾ [التغابن: 1]. وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [المائدة: 18]. وبيّن أن الحكم والأمر له وحده، وأنه لا يحلّ لأحد أن يحكم ويأمر وينهى من تلقاء نفسه. قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [يوسف: 40]. وقال تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]. وقال تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]. وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: 154]. وكذلك حرّم طاعة ملوك الأرض وجبابرتِها المسرفين. قال تعالى: ﴿وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152]. وقد جمع لمن عصاه وأطاع الملوك والجبابرة من دونه عقوبة الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ، يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾ [هود: 96-97]. وقال تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ، فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الزخرف: 45-55]. وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [هود: 59-60]. وخطورة الأمر ظاهرة من الآيات القرآنية، وقد تُرك للإنسان الخيار وله أن يسلك أيّ الطريقين شاء، إما أن يطيع الملك الحقّ ويتّبع ما شرعه جملة وتفصيلاً ويكفر بملوك الأرض وشرائعهم فهو حينئذ مؤمنٌ مسلمٌ حنيفٌ. وإما أن يطيع ملوك الأرض ويتّبع شرائعهم فهو حينئذ كافرٌ مشركٌ عدوٌّ لله مستحقّ لعذاب الله في الدنيا والآخرة.