[ط] ومنها : أن الله تعالى بيّن في كتابه مضمون دعوة الرسل عليهم السلام وأخبر أنّها كانت دعوة إلى عبادة الله وحده واجتناب الطاغوت. قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]. وقد دخل في مسمّى الطاغوت الإنسان المتبوع المطاع في معصية الله. قال الإمام ابن جرير الطبريّ: "والصواب من القول عندي في الطاغوت أنه كل ذي طغيان على الله فعُبد من دونه إما بقهرٍ منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له إنسانا كان ذلك المعبود أو شيطاناً أو وثناً أو صنماً أو كان ما كان من شيء" [جامع البيّان: م/ ص/25]. ولذلك لا يصحّ أن يعدّ من المسلمين المستجيبين لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم من يعرض عن كتاب الله المحكم ويصرّ على اتّباع الشرائع الصادرة من هوى البشر، ومن اعتبره مسلماً مع تلبّسه بذلك بسبب ما يدّعيه من الإسلام لله لزمه أن يعتبر عباد الأوثان والأصنام مسلمين إذا إدّعوا الإسلام وهم عاكفون على عبادة الأوثان والأصنام، لأن كليهما عابدٌ للطاغوت ولم يستجب لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا فرق بينهم في الحقيقة.