[هـ] ومنها: إن الله تعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم في شأن الاتّباع فقال: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 145]. قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ [البقرة: 120]. وقال الله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ﴾ [الرعد: 37]. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أعلى الدرجات في مقام النبوة والوحي والقرب من الله قد خوطب بهذه الآيات التي تتضمن الوعيد والتهديد، وأخبر أنه سيكون من الظالمين أي الكافرين إن فعل ذلك فغيره أولى بأن يلحقه هذا الوعيد، وأن يوصف بالظلم والكفر إن اتّبع الهوى وترك العلم المنَزَّل من الله. والنبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من الضلال والظلم فيكون الخطاب إذاً لأمته كي لا تتعرّض لغضب الله باتّباع الهوى وترك العلم. ومن الناس من يتردّد أو يتوقّف في حكم الذي يدعى الإسلام ويشهد الشهادتين ويصلِّي ويصوم ولكن لا يرى الحكم بين الناس بكتاب الله أو لا يرى بالتحاكم إلى غير شريعة الله بأساً . لكن المؤمن إذا تدبّر هذه الآيات الثلاث عرف أن ليس هناك مجال للتردّد والتوقّف بعد بيان الله الصريح، ويعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم عند مخاطبة الله إياه بهذه الآيات كان أول من أسلم وشهد الشهادتين وصلّى وصام لله، ويعرف أن لو كانت كلمة الشهادة مع الصلاة والصيام شرطاً مانعاً من تكفير المستحلّ لاتّباع الهوى وترك العلم ما خوطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بِهذا الأسلوب المتضمّن للوعيد والتهديد.