[د] ومنها: أن الله تعالى وصف الشرك بالله بأنه ضلال بعيد كقوله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116] . ﴿ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60] . ﴿ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴾ [الحجّ: 12] . وبيّن كذلك أن لا أضلّ ممن أعرض عن هدى الله واتّبع هوى نفسه. فقال: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50]. وهدى الله يشمل ما أنزل الله من العقائد والأحكام والأخلاق فمن رغب عن شيء مما بيّنه الله وظنّ أن الهدى أكمل في غيره مما وضعه الناس من الهوى، فقد دلّت الآية على وقوعه في الضلال البعيد الذي هو الشرك بالله وأنه مساوٍ للذي يدعوا من دون الله ما لا يضرّه ومالا ينفعه، إذ أن قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ ﴾ يُفيد أنه بلغ النِهاية في الضلال وأنه أصبح أبعد الضالّين ضلالاً. وكذلك قد وصف الله الشرك بالله بأنه ظلم عظيم، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] . ووصف المعرض عن الهدى بأنه بلغ النِهاية في الظلم وأنه لا أظلم منه. قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [ألم سجد: 22]. وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾ [الكهف: 57]. فعُرف من ذلك أن اتّباع الهوى ومخالفة الهدى كفر أكبر مخرج عن ملّة الإسلام.