بـاب ( 2 ) حق الله على العباد حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً . قال تعالى: ﴿وَمَاْ خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَاَلإِنْسَ إِلاْ لِيَعْبُدُوْنِ﴾ [الذاريات: 56]. وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ [النساء: 36]. وقال تعالى:﴿وَقَضَىْ رَبُّكَ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ إِيَاْهُ﴾ [الإسراء:23]. عن معاد بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلّى الله عليه وسلّم على حمار، فقال:{يا معاد، أتدري ما حق الله على العباد، وما حقّ العباد على الله؟، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: {حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولايشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئاً} . [متفق عليه]. هذا هو حق الله على عباده، ومن أدّى ذلك لله صار من المخلصين الذين أخلصوا دينهم لله وامتثلوا بما أمره في كتابه . قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 5]. وقال تعالى: ﴿إِنَّاْ أَنْزَلْنَاْ إِلَيْكَ اَلْكِتَاْبَ بِاَلْحَقِّ فَاَعْبَدِ اَللهَ مُخْلِصاً لَهُ اَلْدِّيْنَ أَلاْ للهِ اَلْدِّيْنُ اَلْخَاْلِصُ﴾ [الزمر: 2-3] . وقال تعالى: ﴿قُلْ اَللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِيْنِيْ. فَاَعْبُدُوْا مَاْ شِئْتُمْ مِنْ دُوْنِهِ﴾ [الزمر: 14-15] . وقال تعالى: ﴿فَاَدْعُوْا اَللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ اَلْدِّيْنَ وَلَوْ كَرِهَ اَلْكَاْفِرُوْنَ﴾ [غافر: 14]. وهذا هو الإسلام المأمور به، والمسلم: هو كل من أخلص دينه لله وكفر بعبادة الآلهة والطواغيت من دون الله . قال الله تعالى: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاْحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوْا وَبَشِّرِ اَلْمُخْبِتيْنَ﴾ [الحج: 34]. وقال تعالى: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [هود: 14] وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَاْ يُوْحَىْ إِلَيَّ أَنَّمَاْ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاْحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ﴾ [الأنبياء: 108] وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ يَتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُوْنَ﴾ [النحل: 81]. وكل رسول من رسل الله عليهم السلام إنما جاء بالإسلام، وأن يخلص العبادة لله، ودعا الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله . قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]. وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]. وقال تعالى: ﴿إِذْجَاْءَتْهُمُ اَلْرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ اللهَ﴾ [فصلت: 14] . وقد كان المشركون يقرّون بوجود الله، وأنه ربّهم وخالقهم ورازقهم ومدبر أمرهم وأمر الكون من حولهم. ولهذا لم يكونوا ينكرون "أن يعبد الله" وإنما كانوا ينكرون "أن يعبد الله وحده" فأصبحوا بذلك كافرين. قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الزمر: 45]. وقال تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَاْ دُعِيَ اَللهَ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوْا فَاَلْحُكْمُ للهِ اَلْعَلِيِّ اَلْكَبِيْرِ﴾ [غافر: 12]. وقال تعالى: ﴿قَاْلُوْا أَجِئْتَنَاْ لِنَعْبُدَ اَللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَاْ كَاْنَ يَعْبُدُ آبَاْؤُنَاْ﴾ [الأعراف: 70]. وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيْمَاْنُهُمْ لَمَّاْ رَأَوْا بَأْسَنَاْ، سُنَّتَ اَللهِ اَلَّتِيْ قَدْ خَلَتْ فِيْ عِبَاْدِهِ وَخَسِرَ هُنَاْلِكَ اَلْكَاْفِرُوْنَ﴾ [غافر: 84-85] . وقد فطر الله الناس على الإسلام وعبادته بلا شريك، ولكنهم يضلّون بفعل الشياطين فيعبدون مع الله غيره . قال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ للْدِّيْنِ حَنِيْفاً فِطْرَتَ اَللهِ اَلَّتِيْ فَطَرَ اَلْنَّاْسَ عَلَيْهَاْ لاْ تَبْدِيْلَ لِخَلْقِ اَللهِ ذَلِكَ اَلْدِّيْنُ اَلْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلْنَّاْسِ لاْ يَعْلَمُوْنَ. مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاَتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوْا اَلْصَّلاْةَ وَلاْ تَكُوْنُوْا مِنَ اَلْمُشْرِكِيْنَ. مِنَ اَلَّذِيْنَ فَرَّقُوْا دِيْنَهُمْ وَكَاْنُوْا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَاْ لَدَيْهِمْ فَرِحُوْنَ﴾ [الروم: 30-32] . وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِيْ آدَمَ مِنْ ظُهُوْرِهِمْ ذُرِّيَتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىْ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، قَاْلُوْا بَلَىْ شَهِدْنَاْ، أَنْ تَقًُوْلُوْا يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ إِنَّاْ كُنَّاْ عَنْ هَذَاْ غَاْفِلِيْنَ. أَوْتَقُوْلُوْا إِنَّمَاْ أَشْرَكَ آبَاْؤُنَاْ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّاْ ذُرِّيَةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَاْ بِمَاْ فَعَلَ اَلْمُبْطِلُوْنَ.وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ اَلآيَاْتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾ [الأعراف: 172-174] . عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذاباً لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتدياً بِها، فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك، فأبيت إلا الشرك}. [رواه مسلم]. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: {كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه}. [متفق عليه]. وجاء في حديث عياص بن حمار رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الله قال: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنّهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم". [رواه مسلم]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه نسمة هو خالقها إلى يوم القيمة، فأخذ منهم ميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً" .