بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين . أما بعد :- فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من أعظم فرائض الإسلام الملقاة على عاتق كل مسلم. فيجب عليه أن يأمر بألمعروف وينهي عن المنكر في حدود استطاعته إن كان صادقاً في ادعائه للإيمان والإسلام، وإلا كان من أهل الخسران المبين . ﴿وَاَلْعَصْرِ إِنَّ اَلإِنْسَاْنَ لَفِيْ خُسْرٍ إلاَّ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا اَلْصَّاْلحَاْتِ وَتَوَاْصَوْا بِاَلْحَقِّ وَتَوَاْصَوْا بِِاَلْصَّبْرِ﴾[العصر:1-3]. ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُوْنَ إِلىْ اَلخَيرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِاَلمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَأُلَئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُوْنَ﴾[آل عمران:104]. ومن سنة الله أن يهلك الأمم بألذنوب والمعاصي إذا فشت فيهم وغلبت عليهم بسبب انعدام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر . ﴿فَأَهْلَكْنَاْهُمْ بِذُنُوْبِهِمْ وَأَنْشَأْناَ ْمِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِيْنَ﴾ [الأنعام: 6]. ﴿لُعِنَ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا مِنْ بَنِيْ إِسْرَاْئِيْلَ عَلَىْ لِسَاْنِ دَاْوُوُدَ وَعِيْسَىْ اِبْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَاْ عَصَوْا وَكَاْنُوْا يَعْتَدُوْنَ. كَاْنُوْا لاْ يَتَنَاْهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوْهُ لَبِئْسَ مَاْ كَاْنُوْا يَفْعَلُوْنَ﴾ [المائدة:79]. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يضمن لكل أمة وجماعة أن تبقي قوية عزيزة متماسكة متعاونة في الدنيا، وأن تكون ناجية من عذاب الله السرمدي في الآخرة… فائزة بجناته التي خُلقت للبقاء والخلود. والمعروف الذي يجب الأمر به درجات متفاوتة في الأهمية والوجوب، وأعظمه شأناً وأعلاه قدراً هو "الدعوة إلى التوحيد" كما أن المنكر الذي يجب النهي عنه درجات متفاوتة في الأهمية والوجوب كذلك، وأعظمه شأناً وأعلاه قدراً هو "النهي عن الشرك" وهما متلازمان ولا يفترقان لأن من أمر "التوحيد" فقد نَهي عن "الشرك" . ﴿قُلْ إِنَّمَاْ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اَللهَ وَلاْ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوْا وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: 36]. وأفضل حالات الإنسان هو عند اهتدائه إلى الإسلام والتوحيد، والموحِّد: هو الوحيد الذي يقدِّر آيات الله حقّ قدرها، ويتلقى كل ما جاء في الرسالة الإلهية من الأخبار والأحكام بالرضى والقبول، فلا يضلّ في الدنيا ولا يشقي في الآخرة، لأن هاديه هو الله عالم الغيب والشهادة الذي أحاط بكل شيء علماً . ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاْيَ فَلاْ يَضِلُّ وَلاْ يَشْقَىْ﴾ [طه: 133]. ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَاْيَ فَلاْ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاْ هُمْ يَحْزَنُوْنَ﴾ [البقرة: 38]. وأسوأ حالات الإنسان هو عند ضلاله عن التوحيد، فإنه حينئذ يظل حائراً تائها لا يستقيم على طريقة ولا يثبت على مبدإ أو خلق كريم، وتستولي عليه شياطين الإنس والجن، وتسيطر على فكره وقلبه، فلا يقدرحينئذ الاستفاذة من كتاب الله ومعرفة السبيل السوي للنجاة من شقوة الدنيا والآخرة . ﴿مَثَلُ اَلْفَرِيْقَيْنِ كَاَلأَعْمَىْ وَاَلأَصَمِّ وَاَلْبَصِيْرِ وَاَلْسَّمِيْعِ هَلْ يَسْتَوِيَاْنِ مَثَلاً﴾ [هود: 24]. ﴿لَهُمْ قُلُوْبٌ لاْ يَفْقَهُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاْ يَبْصِرُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ آذَاْنٌ لاْ يَسْمَعُوْنَ بِهَاْ﴾ [الأعراف: 179]. والله العليم بطبائع البشر وأحوال القلوب لم يخاطب أهل الإشراك في مبدإ الأمر بالأحكام الفرعية وتنفيذ الأوامر والنواهي لأن الأعمي الأصم يستحيل أن يسلك طريقاً وُصف له قبل أن يصح ويستعيد حوّاسه المفقودة .. ولكن الله عزّ وجلّ أنزل لهم العقائد وبيّن لهم من الحقائق ما أنار قلوبَهم وأنقذهم من العمي والصمم. ﴿فَإِنَّهَاْ لاْ تَعْمَىْ الأَبْصَاْرُ وَلَكِنْ تَعْمَىْ اَلْقُلُوْبُ اَلَتِيْ فِيْ اَلْصُدُوْرِ﴾ [الحج: 46]. وهذا كتاب صغير الحجم عظيم النفع وُضع للمساهمة في الأمر بالمعروف الأكبر "التوحيد" والنهي عن المنكر الأكبر "الشرك" وقد روعيت فيه البساطة والتجنب عن التعقيد والاكتفاء بالنصوص الصريحة المحكمة ما أمكن ذلك . وذلك ليكون مناسباً للمبتدئين الذين ليست لديهم غالباً معرفة جيدة للغة العرب. إنّ الأمة إذا تخلّت عن العمل بكتاب ربّها وظنّت أنّ المصلحة في مسايرة الكفّار وتقليدهم وإرضائهم بسخط الله .. فإنّ انتسابها بعد ذلك إلى الإسلام لا يُنجيها من عذا الله في الدنيا والآخرة. ولقد جاء دورُ الدعاة إلى الله لإنقاذ الأمّة من الجاهلية الحديثة، وليس أمام أصحاب الدعوة إلى الإسلام في هذه الجاهلية الطاغية إلا أن يشرعوا في تعريف الناس حقيقة الإسلام كما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلم وحقيقة إسلامهم التقليدي الاضطراري كي يختاروا لأنفسهم أيهما شاءوا بعد معرفة الفرق بين الإسلامين.. ! ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىْ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: 42]. * * *