(ل) القرن الثَّالث عشر: (1) وقال الإمام الشوكاني فى إرشاد الفحول: المسألة السابعة: اختلفوا في المسائل التي كل مجتهد فيها مصيب والمسائل التي لحق فيها مع واحد من المجتهدين وتلخيص الكلام في ذلك يحصل في فرعين: الفرع الأول: العقليات، وهي على أنواع، الأول ما يكون الغلط فيه مانعاً من معرفة الله كما في إثبات العلم بالصانع والتوحيد والعدل، قالوا فهذه الحق فيها واحد فمن أصابه أصاب الحق ومن اخطأه فهو كافر، النوع الثاني مثل مسألة الرؤية وخلق القرآن وخروج الموحدين من النار وما يشابه ذلك فالحق فيها واحد فمن أصابه فقد أصاب ومن أخطأه فقيل يكفر، ومن القائلين بذلك الشافعي فمن أصحابه من حمله على ظاهره ومنهم من حمله على كفران النعم، قال: وقد حكى ابن الحاجب في المختصر أن المصيب في العقليات واحد ثم حكى عن العنبري أن كل مجتهد في العقليات مصيب وحكى ايضاً عن الجاحظ أنه لا إثم على المجتهد بخلاف المعاهد. قال الزركشي: " وأما الجاحظ فجعل الحق فيها واحدا ولكنه يجعل المخطئ في جميعها غير آثم، ثمَّ تكلَّم الشوكانيُّ عن (الفرع الثاني) الَّذى قسموه إلى قسمين: (القسم الأول) وهو ما كان قطعيّا معلوماً بالضرورة، أو كان قطعيّاً ليس معلوما بالضرورة. و(القسم الثانى) وهوالمسائل الَّتى لا قاطع فيها، وقال بعضهم فيها: "كلٌُّ مصيبٌ"، وقال الآخرون: "المصيبُ واحدٌ"، ومما قاله: *12 "وهاهنا دليل يرفع النـزاع ويوضح الحق إيضاحاً لا يبقى بعده ريب لمرتاب وهو الحديث الثابت في الصحيح من طرق أن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد وأن بعض المجتهدين يوافقه فيقال له مصيب ويستحق اجرين وبعض المجتهدين يخالفه ويقال له مخطئ واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيباً واسم الخطأ عليه لا يستلزم أن لا يكون له أجر، فمن قال كل مجتهد مصيب وجعل الحق متعدداً بتعدد المجتهدين فقد أخطأ خطأ بينا وخالف الصواب بمخالفة ظاهره، فإن النبي صلّى الله عليه وسلم جعل المجتهدين قسمين قسماً مصيباً وقسماً مخطئا ولو كان كل منهم مصيباً لم يكن لهذا التقسيم معنى.