(الثالثة) أما إستدلالهم بحديث ابن عمر في الذين قالوا: "صبأنا صبأنا" فهو حجةٌ عليهم من وجهين: (الأول): قالوا: "إنّ الحدّ الأدنى للدخول في الإسلام هو قول لا إله إلاّ الله". ثم قالوا: إنّ الإنسان قد يدخل في الإسلام دون أن يقول لا إله إلاّ الله فتناقضوا وبطل حدُهم الأدنى بالنصّ. (الثاني): قد كان بنو جذيمة من أهل الأوثان الذين بلغتهم الدعوة وكانوا يعلمون أن المسلمين يُقال عنهم "صباة" لكونهم خرجوا من دين قومهم وتركوا الشرك بالله .. ولما قالوا: "صبأنا" كانوا يريدون أن يقولوا خرجنا من ديننا الأول ودخلنا في دينكم. فدلّ الحديث على اعتبار المعنى الذي يُراد به من وراء اللفظ. فمن قال: "صبأتُ". وهو يريد أسلمتُ لله وتركتُ الشرك يُعصم دمه. ومن قال: "صبأتُ" وهو يريد دخلتُ في دين الصابئين أو الوثنيين لم يعصم دمه. فدلّ ذلك على أن من قال: "لا إله إلاّ الله" وهو مقيم على الشرك لا يُسلم، ومن قال: "لا إله إلاّ الله" وهو يريد الخروج من الشرك بالله والدخول في عبادة الله وحده يُعتبرُ مسلماً.