(التاسعة): 1- استدلالهم بحديث حكيم بن حزام، قال: "بايعت رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن لا أخر إلا قائماً" (رواه النسائي). 2-وحديث: " أنّه أتى النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فأسلم على أن يصلي صلاتين (لا خمساً) فقبل منه وجاء في رواية أخرى: على ألا يصلي إلاّ صلاة ".(رواه أحمد) 3-وحديث جابر: عن شأن ثقـيف إذ بايعت فقال: اشترطت على النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنّه سمع النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقول بعد ذلك «سيتصدقون ويجاهدون» رواه أبو داود. فيقولون: "بما أنّ ترك الصلاة أو الركوع واستحلال ترك الجهاد والصدقة كفرٌ وقد صحّ إسلام القوم مع وجود الكفر، فدلّ على أنّ القوم أسلموا بالنطق، وأنّ الإسلام هو التلفظ بكلمة التوحيد وإن لم ينقد المتلفظ لمعناها". الجواب: إنّ الإيمان قسمان: (1) أصل الإيمان: مثل التوحيد والرسالة والبعث والحساب والكتب والملائكة. (2) الإيمان الواجب: وهو فعل الواجب وترك المحرّم. ففاقد أصل الإيمان كافرٌ قبل مجيء الرسالة و إقامة الحجّة وبعدها. أما "الإيمان الواجب" فتركه لا يكون كفراً قبل البيان، ويكون كفراً بعده أو فسقاً على حسب حال التارك. فدلّ ذلك على أنّ من رضي بالإسلام -الذي هو عبادة الله وحده وترك ما يخالفة من الشرك- قد يصحّ إسلامه وهو يجهل وجوب الصلاة والصيام أو تحريم الخمر والزنا وغيرها. وكذلك من علم أن الصلاة من الإسلام وجهل وجوبها أو وجوب بعض الصلوات الخمس أو وجوب الركوع وأنّه ركنٌ منها لا يجوز تركه، وكذا الجهاد والصدقة، فلا خلاف في أنّ إسلامه صحيح، أما إذا امتنع بعد العلم أو استحلّ الخلاف فلا خلاف أيضاً في كفره. ولذلك قال أهل العلم: إذا أراد الكافر أن يُسلم أي: أن يترك الكفر ويخلص العبادة لله، وشرط شرطاً فاسداً يُقبَلُ منه ثم بعد إسلامه يُلزَمُ بالحقّ الواجب عليه. وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): "وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال يصحُّ الإسلام على الشرط الفاسد ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها" وقال ابن قدامة في المغني: وسئل-اي الإمام أحمد- عن الرجل يسلم بشرط أن لا يصلي إلا صلاتين فقال يصح إسلامه ويؤخذ بالخمس . وقال معنى حديث حكيم بن حزام -بايعت النبي على أن لا أخر إلا قائماً- أنه لا يركع في الصلاة بل يقرأ ثم يسجد من غير ركوع. قال الشوكاني في (نيل الأوطار) بعد أن سرد هذه الأحاديث: «فيها دليل على أنّه يجوز مبايعة الكافر وقبول الإسلام منه وإن شرط شرطاً باطلاً». فبطل قول "المرجئة" ومرادهم إذ ليس في الأحاديث قوم أسلموا بلفظ مجرّد عن معناه، كما ليس فيها كفرٌ أُذِنَ في فعله كما يتوهّمون. وتفسير حديث حكيم مخلتَفٌ فيه: قال ابن كثير: "فقيل: معناه أن لا أموت إلا مسلماً، وقيل: معناه أن لا أقتل إلا مقبلاً غير مدبر وهو يرجع إلى الأول."(تفسير القرآن العظيم:آل عمران:"فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون") وقال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث): "معناه: لا أموت إلا متمسكاً بالإسلام ثابتاً عليه يقال قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به وقيل معناه لا أقع في شيء من تجارتي وأموري إلا قمت به منتصباً لـه وقيل معناه لا أغبن ولا أغبن.