(ط) القرن العاشر: (1) قال ابن حجر الهيتمي (909ﻫ - 974ﻫ) في كتابه (الزواجر) وهو يُبيّن أنواع الشرك والكفر الذي يكون به المسلم مرتدّاً: "وفي معنى ذلك كلّ من فعل فعلاً أجمع المسلمون على أنّه لا يصدر إلاّ من كافر وإن كان مصرحاً بالإسلام كالمشي إلى الكنائس مع أهلها بزيهم من الزنانير وغيرها أو يلقي ورقة فيها شيء من قرآن أو علم شرعي أو فيها اسم الله تعالى بل أو اسم نبي أو ملك في نجاسة". [الزواجر: 1/47]. وقال أيضاً: "لا يحصل الإسلام من كافرٍ أصلي أو مرتدّ إلاّ بنطقه بالشهادتين وإن كان مقرّاً بإحداهما". وقال: "ثم من كان كفره بإنكار أصل رسالته صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كفاه الشهادتان. أو بتخصيصها بالعرب كالعيسوية، اشترط أن يقول رسول الله إلى كافة الإنس والجنّ". (2) وقال الخطيب محمَّد بن أحمد الشربينى (ت:977ﻫ) فى مغنى المحتاج: "وإن كان ارتد إلى دين يزعم أهله أن محمدا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مبعوث إلى العرب خاصة أو إلى دين من يقول رسالته حق لكنه لم يظهر بعد أو جحد فرضا أو تحريما لم يصح إسلامه إلا أن يقر بأن محمدا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم رسول إلى جميع الخلق ويرجع الثاني عما اعتقده ولا يكفي شهادة الفلسفي وهو النافي لاختيار الله تعالى ... حتى يشهد بالاختراع والإحداث من العدم ولا يكفي الطبائعي القائل بنسبة الحياة والموت إلى الطبيعة لا إله إلا المحيي المميت حتى يقول لا إله إلا الله ونحوه من أسمائه تعالى التي لا تأويل له فيها. والمعطل إذا قال محمد رسول الله قيل يكون مؤمنا لأنه أثبت المرسل والرسول والأصح أنه لا بد أن يأتي بالشهادتين كغيره ولو أقر يهودي برسالة عيسى لم يجبر على الإسلام كما لو أقر ببعض شرائع الإسلام وقال: فائدة: يصح الإسلام بسائر اللغات كما قاله ابن الصباغ وغيره وبإشارة الأخرس. نعم لو لقن العجمي الكلمة العربية فقالها ولم يعرف معناها لم يكفِ. ويسن امتحان الكافر بعد الإسلام بتقريره بالبعث بعد الموت. (3) وقال محمد بن أحمد المعروف بابن النجار (898ﻫ - 972ﻫ) في كتابه (شرح الكوكب المنير): "ومن جهل وجود الله تعالى جلّ وعزّ أو علِمه وفعلَ ما لا يصدر إلا من كافرٍ أو قال ما لا يصدر إلاّ من كافر إجماعاً فهو كافر ولو كان مقرّاً بالإسلام". [شرح الكوكب المنير: 4/385]. وقال أيضاً: "ونافي الإسلام مُخطئٌ آثم كافرٌ مطلقاً يعني سواء قال ذلك اجتهاداً أو بغير اجتهاد عند أئمة الإسلام". [شرح الكوكب المنير: 4/ 488]. (4) وقال شرف الدِّين موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي (895ﻫ - 968ﻫ) في كتابه (الإقناع لطالب الانتفاع) الذي يُعدّ "عمدة" في المذهب الحنبلي: (باب حكم المرتدّ) وهو الذي يكفر بعد إسلامه ولو مميّزاً طوعاً ولو هازلاً. فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفةً من صفاته، أو اتّخذ له صاحبةً أو ولداً أو ادّعي النبوة أو صدق مَن ادّعاها أو جحد نبيا أو كتاباً من كتب الله أو شيئاً منه، أو جحد الملائكة أو البعث أو سبّ الله أو رسوله، أو استهزأ بالله، أو رسله، أو كتبه. ". قال الشيخ: أو كان مُبغضاً لرسوله أو لما جاء به اتّفاقاً. وقال: أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكّل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعاً. انتهى. أو سجد لصنم أو شمسٍ أو قمرٍ أو أتى بقولٍ أو فعلٍ صريحٍ في الاستهزاء بالدِّين أو وُجد منه امتهانٌ للقرآن، أو طلب تناقضه أو دعوى أنّه مختلفٌ أو مُختلَقٌ، أو مقدورٌ على مثله أو إسقاطٌ لحرمته، أو أنكر الإسلام أو الشهادتين أو أحدهما، كفر، لا من حكى كفراً سمعه ولا يعتقده، أو نطق بكلمةٍ الكفر ولا يعلم معناها، ولا من جرى على لسانه سبقاً من غير قصدٍ لشدّة فَرِحٍ أو دهشٍ، أو غير ذلك كقول من أراد أن يقول: اللهمّ أنت ربِّي وأنا عبدُك، فقال: اللهمّ أنتَ عبدي وأنا ربُّك".