(ل) القرن الثالث عشر: (1) قال الإمام محمّد بن عليّ الشوكاني (1173ﻫ ـ 1250ﻫ) بعد أن ذكر حديث الّذين قتلهم "خالد بن الوليد"بعد قولهم: صبأنا صبأنا: "وقد استدلّ المصنّف بأحاديث الباب على أنّه يصيرُ الكافرُ مسلماً بالتكلُّمِ بالشهادتين، ولو كان ذلك على طريق الكناية بدون تصريح، كما وقع في الحديث الآخر. وقد وردت أحاديث صحيحة قاضية بأنّ الإسلام مجموعُ خصال أحدها التلفظ بالشهادتين ـ ثمّ أورد أحاديث كثيرة منها: حديث أبى هريرة المتّفَق عليه: "الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتُقيم الصلاةَ المكتوبة وتُؤَدي الزكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ"ـ ثمَّ قال: "فهذه الأحاديث ونحوها تدلُّ على أنَّ الرَّجُلَ لا يكونُ مسلماً إلا إذا فعل جميع الأُمور المذكورة فيها. والأحاديث الأُولى تدلُّ على أنَّ الإنسان يصيرُ مُسلماً بمجرّد النُّطقِ بالشهادتين. قال الحافظ فى الفتح عند الكلام على حديث (أُمرتُ أن أُقاتل النَّاس حتى يقولوا لا إله إلا الله) في باب قتل من أبى قبول الفرائض، من كتاب استتابة المرتدين والمُعاندين ما لفظهُ: وفيه منع قتل من قال "لا إله إلا الله" ولم يزد عليها وهو كذلك، ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما؟. الراجح لا، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر. فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام، حكم بإسلامه. وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله "إلا بحق الإسلام". قال البغويُّ: "الكافر إذا كان وثنيا أو ثنويا لا يقرّ بالوحدانية فإذا قال: "لا إله إلا الله" حكم بإسلامه ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام. وأما من كان مقراً بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول محمد رسول الله. وإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة، فلابد أن يقول: " إلى جميع الخلق". فإن كان كفره بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده. (نيل الأوطار: الجزء السابع: باب ما يصير الكافر مسلماً) (2) قال الإمام عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهّاب (1193 - 1285 ه‍): قوله (من شهد أن لا إله إلاّ الله) أي من تكلّم بها عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً، فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها كما قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ اللهُ﴾، ﴿إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل -قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح- فغيرُ نافعٍ بالإجماع. [فتح المجيد: 33]. (3) وقال سليمان بن عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهّاب: "وأما قول الإنسان لا إله إلاّ الله من غير معرفة لمعناها ولا عمل به، أو دعواه أنّه من أهل التوحيد وهو لا يعرف التوحيد بل ربّما يخلص لغير الله من عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر والتوبة والإنابة وغير ذلك من أنواع العبادات فلا يكفي في التوحيد بل لا يكون إلاّ مشركاً والحالة هذه". [تيسير العزيز: 140].