(المسألة الرابعة) الكافر المنتسِب كغير المُنتسب في الدُنيا والآخرة (أولا) الإقرار والاعتراف: قد جاء في رسالة منهج الاعتصام قولهم: (ونعتقد أن الكفرمنه أكبر وأصغر وأن الشرك والنفاق كذالك، وأن الظلم ظلمان والفسق فسقان والمعصية معصيتان والتولي عن الطاعة نوعان، ولا يخرج من الملة من ذلك إلا الأكبر. ونعتقد أنّ القلب قد يجتمع فيه إيمان ونفاق أو كفرلا يُخرجان من الملّة، وقد يجتمع فيه توحيد وشرك أصغر.) وقولهم: (ولا نُكفِّرُ أحداً من أهل القبلة بمطلق المعاصي وارتكاب الكبائر مالم يستحلها كما تفعله الخوارج، أو ينكر معلوماً من الدين بالضرورة، أو يقترف ناقضاً من نواقض الإيمان.) فأثبتُوا: 1) أنّ من وقع في الشرك الأكبر، قد خرج من ملّة الإسلام، ودخل في ملّة الكُفرِ. 2) أنّ الكافر المُنتسب إلى الإسلام كغير المُنتسب، من جهة أنّهم على ملّة واحدة. 3) أنَّهُم يُكفِّرُون المعدُود من أهل القبلة في ثلاث حالات: (الأولى) إذا استحلّ المعاصي. (الثانية) إذا أنكر معلوماً من الدين بالضرورة. (الثالثة) إذا اقترف ناقضاً من نواقض الإيمان. (ثانيا) التعطيل: إنّهم مع إقرارهم بدخول المنتسب إلى الإسلام في ملّة الكُفرِ بهذه الأمُور الثلاث، إلا إنّهم لا يعملُون بذلك، ويجعلُون فاعل هذه الأمُور أخا في الدِّين، ويجعلُون من يُكفّرهُ من الخوارج المارقين. ويُدافعُون عنه بقواعدهم المعرُوفة، مثل (الإعذارُ بالجهل في أُصُولِ الدِّين)، و(الأصل في النّاطق بالشهادتين أنه مسلم) وغيرها. وإذا لم ينفعْهم كُلُّ ذلك، لجؤا إلى معقلهم الأخير قائلين: "نحنُ نُكفِّرُ الأعمال، ولا نُكفِّرُ الأعيان". جاء في رسالتهم: "ونرى التفريق بين التكفير المطلق وهو تعليق الكفر على وصف عام لا يختص بفرد معين، كأن يقال من قال كذا كفر… وبين تكفير المعين وهو تنْزيل الحكم على شخص معين كأن يقال كفر فلان ويُسمَّي. فالأول: من باب بيان الأحكام ودعوة الناس إلى التوحيد وتحذيرهم من الشرك وهذا من شأن الدعاة والعلماء عامة. وأما الثاني: فهو من باب تنزيل الأحكام على أفراد معينين وهو من شأن أهل الفتوى وأجهزة القضاء المختصة القادرة على الإجراءات الضرورية للتحقيق في مثل هذا الأمر." ـ اهـ فصار مذهبهم في هذه المسألة تناقُضا كمنْ قال: 1) إنّ الكافر المُنتسب إلى الإسلام كغير المُنتسب. 2) إنّ الكافر المُنتسب إلى الإسلام ليس كغير المُنتسب. وقال: 1) نُكفِّرُ المعدُود من أهل القبلة في ثلاث حالات: (الأولى) إذا استحلّ المعاصي. (الثانية) إذا أنكر معلوماً من الدين بالضرورة. (الثالثة) إذا اقترف ناقضاً من نواقض الإيمان. 2) لا نُكفِّرُ المعدُود من أهل القبلة في الحالات الثلاث، لأنّنا دُعاةٌ لا قُضاةٌ، و لأنّنا نُكفِّرُ الأعمال، ولا نُكفّرُ الأعيان. المذهبُ الحقُّ: هُو أن تقُولَ بلا تردُّد ولا تلعثُم: 1) أنّ من وقع في الشرك الأكبر، قد خرج من ملّة الإسلام، ودخل في ملّة الكُفرِ. 2) أنّ الكافر المُنتسب إلى الإسلام كغير المُنتسب، من جهة أنّهم على ملّة واحدة. 3) نُكفِّرُ المعدُود من أهل القبلة إذا وقع في الكفر الأكبر، كهذه الحالات: (الأولى) إذا استحلّ المعاصي. (الثانية) إذا أنكر معلوماً من الدين بالضرورة. (الثالثة) إذا اقترف ناقضاً من نواقض الإيمان.