(المسألة الخامسة) من لا يُكفّرُ الكافر فهو كافر (أولا) الإقرار والاعتراف: (ولا نُكفِّرُ أحداً من أهل القبلة بمطلق المعاصي وارتكاب الكبائر مالم يستحلها كما تفعله الخوارج، أو ينكر معلوماً من الدين بالضرورة، أو يقترف ناقضاً من نواقض الإيمان.) جاء في رسالتهم قولهم: (ونرى أن قول أهل العلم:(من لم يكفر الكافر فهو كافر) ينطبق على من لم يكفر من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بعينه كفرعون وأبي لهب وغيرهما، أو قال إن اليهود أو النصاري أو المجوس ليسو بكفار بل هم مسلمون، لأن ذلك ردّ لحكم الله عليهم بالكفر. أما من يختلف أهل العلم في تكفيره كتارك الصلاة، أويختلفون في حيثية استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فتطبيق هذه القاعدة على هذه المسائل باب عظيم من أبواب الشر والفتنة". فأثبتُوا: 1) أنَّ قاعدة (من لا يُكفِّر الكافرَ فهو كافرٌ) تنطبقُ على من لم يُكفّر من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بعينه كفرعون وأبي لهب، أو بصفته كاليهود والنصاري والمجوس. 2) أنَّها لا تنطبقُ على من اخْتُلف في كُفره، كتارك الصلاة. وهذا إثباتٌ صحيحٌ، ولكن لماذا لم يذكُرُوا "المُشركين"، والقُرآنُ يذكرُ المشركين أكثر من ذكره لليهُود والنّصارى والمجُوس؟. أليس عدمُ تكفير المشركين ردٌّ لحُكم الله؟. أغلبُ الظنّ أنّهم تركُوا ذكرَ "المشركين" عمدًا، لأمرين: (الأول) يدخُلُ في إطار هذا اللفظ الذين يعبُدُون غير الله، من النّاطقين بالشهادتين، وهم حريصُون في إخراج أولئك من دائرة "أهلِ الشرك". (الثاني) علمُهم بأنّهم يُكفّرُون أنفسهم إذا ذكرُوا ذلك، فإن قالُوا: " قاعدة (من لا يُكفِّر الكافرَ فهو كافرٌ) تنطبقُ على من لم يُكفّر المشركين"، يُقالُ لهم على البداهة: "القاعدةُ تنطبقُ عليكم، فتُوبُوا من الكُفرِ، وتبرَّؤُا من أهلِ الشركِ". (ثانيا) التعطيل: إنّهم مع إقرارهم بصحّة تكفير من كفّرهُ اللهُ لا يعملُون بهذا الأصل، بل يعملُون بأصلهم (نُكفِّرُ الأعمال ولا نُكفِّرُ الأعيان)، وأصلهم الآخر (التكفيرُ للعُلماء المُعتبرين والقضاة والحُكام). جاء في الرسالة: "التكفير: حكم شرعي لايجوز إطلاقه دون بينة أو برهان من الله ورسوله، لما يترتب عليه من أحكام خطيرة كاستباحة الدماء وفساد الأنكحة وعدم التوريث وتحريم الذبائح وغيرها من الأحكام الشرعية، لذا لايحقُّ الإقدام عليه إلا للعلماء الراسخين الذين تحققت فيهم شروط الفتوى المعتبرة، والمخولين قضائيا بإصدار هذه الأحكام". ـ اهـ فصار مذهبهم في هذه المسألة تناقُضا كمنْ قال: 1) تكفيرُ من لا يُكفّرُ مَنْ كفّرهُ اللهُ كالمشركين واليهُود والنصارى حقُّ. 2) تكفيرُ من لا يُكفّرُ من كفّرهُ اللهُ كالمشركين باطلٌ وشرٌّ وفتنةٌ. المذهبُ الحقُّ: هُو أن تقُولَ: "تكفيرُ من لا يُكفّرُ مَنْ كفّرهُ اللهُ كالمشركين واليهُود والنصارى حقُّ، ومن المعلُوم من الدّين بالضرُورة".