(المسألةُ التاسعةُ) طاعة الحاكم الكافر (أولا) الإقرار والاعتراف: 1) جاء في رسالة "منهج جماعة الاعتصام": (ولاتنعقدُ الإمامة لكافر، ولو طرأ عليه الكفر انعزل إجماعًا). 2) وجاء فيها: (ونؤمن أنه يجب الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه في كلّ صغيرة وكبيرة، ولايجوزالحكم أوالتحاكم إلى دساتير جاهلية ولا إلى قوانين وضعية ولاإلى أسلاف وعادات قبلية، قال تعالى: ﴿أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله﴾ الشورى آية 21 . وقال تعالى: ﴿إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذالك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ (يوسف آية 40). وقال تعالى: ﴿إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله﴾ النساء آيه 105. وقال تعالى: ﴿فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ النساء الآية 65. والحكم بغير ماأنزل الله، إما كفرأكبر ينقل عن الملة كجحود أحقية حكم الله ورسوله، أو اعتقاد أن حكم غيره أحسن وأكمل منه، أو أنه مساو له، أوأنه مخير فيه، أو تشريع القوانين التي لم يأذن بها الله وفتح المحاكم لها وإلزام الناس بها رغبة عن حكم الله ورسوله. وإما كفرأصغر لا ينقل عن الملة، وذلك بأن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، والتزامه الإجمالي به واعترافه بالخطأ على نفسه). ـ اهـ 3) وجاء فيها: (ونرى أن الديمقراطية والعلمانية منظومة فكرية مناقضة للإسلام في حقيقتها وفلسفتها ؛ لأنها ردٌّ وامتناعٌ عن الالتزام بالشريعة ابتداء). 4) وجاء فيها: (ونرى أن فصل الدين عن الدولة ضلالة ومروق وزندقة) فأثبتُوا: 1) أنّ الإمامة لاتنعقدُ لكافر، ولو طرأ عليه الكفر انعزل إجماعًا. 2) أنّ من حكم بالدساتير الجاهلية، والقوانين الوضعية أوتحاكم إليها وقع في الشرك الأكبر. 3) أنَّ الحاكم بغير ماأنزل الله، يكفرُ كُفرًا أكبرَ ينقلُ عن الملّة في الحالات الآتية: (الأولى) إذا جحد الحاكمُ أحقية حكم الله ورسوله. (الثانية) إذا اعتقد أن حكم غيره أحسن وأكمل منه. (الثالثة) إذا اعتقد أنَّ حُكم غيره مساو لحكم الله. (الرابعة) إذا اعتقد أنه مخير في الحُكم بما أنزل اللهُ، أو الحُكم بغير ما أنزله. (الخامسة) إذا شرَّع القوانين التي لم يأذن بها الله، وفتح المحاكم لها، وألزم الناس بها رغبة عن حكم الله ورسوله. 4) أنَّ من قدّم الديمقراطية على شريعة الله فقد انتقض إيمانُهُ. 5) أنّ الحاكم العلماني زنديقٌ ومارقٌ عن الدِّين. (ثانيا) التعطيل: إنّهم لما علمُوا أنّ الحُكام يُشرِّعون القوانين التي لم يأذن بها الله، ويفتحُون المحاكم لها، ويُلزمُون الناس بالتحاكم إليها، رغبة عن حكم الله ورسوله. وعلمُوا أنّهم يُقدّمون الديمقراطية على شريعة الله، وأنّهم يرون العلمانية تقدُّما وتحضُرًا... إنّهم لما علمُوا كُلَّ ذلك، هابُوا أن يعتقدُوا كُفرهم، خوفا على حياتهم وسُمعتهم في المجتمع الضالّ، فآثرُوا رضى الخلق على رضى الله، فأفتوا أنّ أئمّتهم أئمّةٌ مسلمُون، فيهم بعضُ الجور. فأعطوهم حقُوق أئمّة المسلمين -مع كُفرهم- أعطوهم حقّ السمع والطاعة، وإقامة الحدُود، وتنزيل الأحكام على الأفراد، وتولية السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، والجهاد بإذنهم. 1) جاء في رسالتهم: (ولانرى الخروج على أئمة المسلمين وإن جاروا ولاننزع يداً من طاعتهم مالم نر فيهم كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان , ونطيعهم مالم يأمروا بمعصية، فإذا أمروا بمعصية فلا نطيعهم في تلك المعصية، ولانخرج عليهم بسببها ونطيعهم فيما سواها من طاعة الله). 2) وجاء فيها: (ونرى أنه لاتلازم بين كفرالحاكم -إن حصل- وبين وجوب الخروج عليه؛ لأن الخروج لا يجب عند العجز ولا عند غلب المفسدة؛ لأن الضرر لا يزال بمثله، ومن باب أولى لا يزال بأشدّ منه). ـ اهـ ـ 3) وجاء فيها: (ونرى أن استيفاء الحقوق المتخاصم فيها، وإقامة الحدود وتقدير التعزيرات راجع لولاة الأمور، إلا في حالة التراضي بالتحاكم إلى حاكم غير ذي سلطة في الحقوق الخاصة فقط. ونرى أن تحديد السياسة الداخلية والخارجية للأمة منوط بولاة أمورها في حدود الشرع، وأنه لا يجوز الافتئات عليهم في ذلك بل يجب النصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بضوابطه وقواعده). 4) وجاء فيها: (ونرى أنه إذا تقاعس أولوالأمرعن واجب الإعداد وغيره من الواجبات فينبغي تذكيرهم والرجوع إلى قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحصيل المصالح وتقليل المفاسد لأنّ الافتئات عليهم لايجوز ولايجدي شيئا. ونرى أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، أو من يقوم مقامه، وأنه يلزم الرعية طاعته في ذلك، كما أنه يلزمهم إذنه إلا أن يفاجأهم العدو فلم يتمكنوا من ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به ،وكما تدل عليه قصة سلمة بن الأكوع مع غطفان الذين أغاروا على سرح المدينة، وهي في الصحيحين). فأثبتُوا: 1) أنّهم أئمّةٌ مسلمُون. 2) أنّ لهم حقّ السمع والطاعة. 3) أنّ لهم تولية السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. 4) أنّ لهم إقامة الحدُود، وتنزيل الأحكام على الأفراد. 5) أنّ الجهاد لا يقُومُ إلا بإذنهم. فصار موقفهم مُتناقضا، لأنّهم يقُولُون بألسنتهم ما ليس في قُلُوبهم.كمن قال: 1) الموقفُ الصحيح من الحكام العلمانيين أنَّهم "أئمّةُ كُفرٍ". 2) الموقفُ الصحيح من الحكام العلمانيين أنَّهم "أئمّةُ جورٍ مسلمون". المذهبُ الحقُّ: إنّ المذهب الحقَّ، والموقفَ الصحيح من الحكام العلمانيين أنَّهم "أئمّةُ كُفرٍ"، ومن شكّ في كُفرهم فهو من أجهل النّاس بدين الإسلام. وإنّ الموقف الحقَّ الصحيحَ من أئمّة الكُفر، وأتباعهم، هو إعلان البراءة منهم، ودعوتهم إلى الدُخُول في دين الله من جديد، وهي طريقة رُسل الله على توالي الأزمان. فإنّهم لما وجدُوا أقوامهم على الكُفر الأكبر، صارحُوهم، وبيّنُوا لهم الحقّ، وبيّنُوا لهم كذلك موقفهم منهم. وقالُوا لهم: ﴿إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ (الممتحنة:4) أمّا الموقف الصحيح من "أئمّة الجور"، فهو طاعتهم في المعرُوف، وإن قدر المسلمُون على عزلهم عزلُوهم عن الحُكم. أمّا إذا كانُوا لا يقدرُون على العزل، إلا مع مفسدة أعظم من المصلحة التي في العزل، فهم يتركُونهُ اختيارًا لأخفّ الضررين. وأصحابُ "الاعتصامية"، ومن شاكلهم لم يصحِّحُوا موقفهم فضلُّوا وأضلُّوا. إذا شعرُوا بالقوّة كفَّرُوا الحكام العلمانيين، وأعلنُوا الجهاد في سبيل الله، وإذا ضعُفُوا أعلنُوا وجُوب طاعتهم، وترك الخرُوج عليهم، والصلاة خلفهم، وعليهم. فهم مرّة في تكفير وقتال، ومرّة في طاعة وولاء. وليس هذا التردُّد من دين الله الحكيم. إنّ المُسلم الحقَّ يتبرَّأُ من أهلِ الكُفرِ، وهو ضعيف لا يجدُ لقمة العيش، لأنَّ البراءة من أهلِ الكُفرِ دينٌ، ولا خيار لهُ في الدِّين. وإذا قاتل، قاتل على دين، ولا خيار لهُ في القتال لأجل الدِّين. قالوا في رسالتهم: (ونرى أنه لا تلازم بين كفر الحاكم -إن حصل- وبين وجوب الخروج عليه؛ لأن الخروج لا يجب عند العجز ولا عند غلب المفسدة؛ لأن الضرر لا يزال بمثله، ومن باب أولى لا يزال بأشدّ منه). ـ اهـ ـ فأقُولُ لهم: "إذا عرفتُم أنّكم عاجزُون عن قتال الحاكم الكافر، فأين البراءةُ من الكفرة، ومُفاصلتهم على العقيدة، أين ملّة إبراهيم والرسل عليهم السلام؟!!. ولماذا تُبدِّعُون أهل البراءة والمفاصلة؟!!. هل عجزكم يجعلهم مسلمين، وقوتكم تجعلهم كافرين؟!!" قالوا في رسالتهم: (ولانرى الخروج على أئمة المسلمين وإن جاروا ولاننزع يداً من طاعتهم مالم نر فيهم كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان). فأقولُ لهم: "ألم تروا كُفرًا بواحًا بعدُ؟!!. 1) ألم تقُولُوا: إنّ الحاكم إذا شرَّع القوانين التي لم يأذن بها الله، وفتح المحاكم لها، وألزم الناس بها، خرج من الملّة؟!!. 2) ألم تقُولُوا: أنّ من تحاكم إلى غير شرع الله رغبة عنه أو رضا بغيره فقد ارتكب ناقضا من نواقض الإيمان؟!!. 3) ألم تقُولُوا: إن الديمقراطية والعلمانية منظومة فكرية مناقضة للإسلام في حقيقتها وفلسفتها ؛ لأنها ردٌّ وامتناعٌ عن الالتزام بالشريعة ابتداء؟!!. 4) ألم تقُولُوا: إنّ فصل الدين عن الدولة ضلالة ومروق وزندقة؟!!. لماذا لم تُكفِّرُوا حُكامكم وقد فعلُوا كُلَّ ذلك؟!!. لماذا تُبدِّعُون من عمل بفتاواكم؟!!. ما الّذي يُعرقلكم ويمنعُكم من الانطلاق وقد وضح الطريق؟!!. إنّها لأسئلةٌ لا جواب لها إلا المماطلة والمكابرة!!!.