(الخطأ السّادس والعشرُون) في الاحتجاج بالقرآن: جاء في الجواب: (فهذا الرجل يقول:أنا أعلم أنّ هذا الفعل شركٌ أكبر، وأن عابد غير الله كافرٌ مشركٌ، ولكن عندي دليل من القرآن والسنّة أنّ الله لا يُؤاخذُ الجاهل، فأنا اتّبع هذا الدليل كما أمره الله ولا أكفّره حتى تقوم عليه الحجّة الشرعية.) و (فكيف يُكفّرُ مثل هذا، وخلافنا معه في تنزيل الحُكم الشرعي لا أكثر؟) والجوابُ: إنَّ من احتجَّ بالقرآن لتصويب الباطل النّاقض لأصل الدِّين، لا حُجَّة لهُ، ولا يُسمعُ قوله، فإنَّ المحرَّمات الَّتي هي من المعلوم من الدّين بالضّرُورة، لا يُعذرُ من استباحها بتأويلٍ، كقصة ابن قدامة، فإنَّهُ إمَّا أن يرجع عن ذلك، وإمَّا أن يُقتل. فكيف بمن لا يوازي تأويلهُ تأويلَ ابنِ قدامة في الخمر، فكيف بمن لا تأويل لهُ، بل هو من المفترين. ومن نقض أصلَ الدِّين الَّذي لا يُعذرُ أحدٌ فيه بتأويل، وزعم أنَّ عندهُ أدلَّة من الكتاب والسُنَّة، فهو أبعدُ ممّن استباح المحرَّمات الظاهرة، وزعم أنَّ عنده أدلَّة من الكتاب والسُنَّة. بل مثل هذا يُعدُّ من الملحدين، كشأن الملحدين الّذين يُريدُون هدمَ الإسلامِ بإسم الإسلام. فقد ظهر من يزعُم أنَّ اليهُود والنَّصارى، لا يُدعون إلى الإسلام لأنَّهم على دين صحيح أقرَّهُ الإسلامُ عليه، في قوله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. واحتجَّ بعضُ مانعي الزكاة بقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ على أنَّ أخذ الزكاة خاصٌّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. واحتجَّ منكرُوا السنَّة بقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ .. إلى آخره. والمُجادلُ عن أهلِ الشّرك من الملحدين. قال الإمام محمّد بن عبد الوهاب، في رسالة أرسلها إلى أهل العيينة: "والمراد من هذا أنّ بعض الملحدين نسب إلي الشّيخ أنّ هذا شرك أصغر وشبهته أنّه ذكره في الفصل الثاني الذي ذكر في أوله الأصغر. وأنت – رحمك الله – تجد الكلام من أوله إلي آخره. في الفصل الأول والثاني صريحاً لا يحتمل التأويل من وجوه كثيرة أنّ دعاء الموتى والنذر لهم ليشفعوا له عند الله هو الشرك الأكبر الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فكفر من لم يتب عنه وقاتله وعاداه ... وآخر ما صرح به قوله آنفاً (ما نجا من هذا الشرك الأكبر إلاّ من جرّد توحيده لله وعادى المشركين.)" وقال بعد أن ذكر الأدلّة الكثيرة الدّالّة على تكفير وقتل المنتسب إلى الإسلام إذا وقع في الكفر. قال: "ولم أجد من الأوّلين والآخرين أنّ أحداً أنكر شيئاً من ذلك أو استشكله لأجل ادّعائهم الملّة أو لأجل قول: "لا إله إلّا الله"، أو لأجل إظهار شيءٍ من أركان الإسلام - إلّا ما سمعنا من هؤلاء في هذه الأزمان من إقرارهم أنّ هذا هو الشّرك ولكن من فعله أو حسّنه أو كان من أهله أو ذمّ التوحيد أو حارب أهله لأجله أو أبغضهم لأجله - إنّه لا يكفّر لأنّه يقول: "لا إله إلّا الله" أو لأنّه يؤدّي أركان الإسلام الخمسة ويستدلّون بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، سمّاها الإسلام!!. هذا لم يسمع قط إلاّ من هؤلاء الملحدين الجاهلين الظّالمين فإن ظفروا بحرف واحد من أهل العلم أو أحد منهم يستدلّون به على قولهم الأحمق فليذكروه." (سيرة الإمام).