(الخطأ السّادس عشر) في امرأة المختار: جاء في الجواب: (والغريب استشهادكم لهذه القصة في تكفير من لم يُكفِّرْ المشرك المنتسب أو لم يتبرَّأ منه، مع أنّه ليس في القصة ما ترُومونه، ذلك أنَّ الذي في "البداية والنهاية" لابن كثير: "وقد سأل مصعب أم ثابت بنت سمرة بن جندب أمرأة المختار عنه، فقالت ما عسى أن أقول فيه إلا ما تقولون أنتم فيه، فتركها واستدعى بزوجته الأخرى، وهى عمرة بنت النعمان بن بشير، فقال لـها: ما تقولين فيه؟. فقالت: رحمه اللـه لقد كان عبدا من عباد اللـه الصالحين. فسجنها وكتب إلى أخيه إنها تقول إنه نبى فكتب إليه ان اخرجها فاقتلـها فأخرجها إلى ظاهر البلد فضربت ضربات حتى ماتت.) (حوادث سنة 67هـ) والجوابُ: هذه القصَّةُ حُجَّةٌ عليك من وُجُوه: (الأوّل) أنَّ المُختار كان كافراً مُنتسباً، وكان يؤمُّ النَّاسَ في الصّلاة ويقرأُ القرآن، فكفَّرهُ المُسلمُون وقتلوهُ، ولم يقُولوا: الكافرُ المُنتسبُ أفضلُ من غيره من الكفّار، وأنَّ من لم يتبرَّأْ منهُ معذور. (الثّاني) أنَّ المرأة كانت تعتقدُ فيه خيراً، فلم تُعذَرْ بالجهالة. (الثّالث) أنَّها لم تقُلْ لمّا سُئلت عنهُ: "إنَّهُ نبيُّ الله"، وإنّما قالت: " رحمه الله لقد كان عبدا من عباد الله الصّالحين". فرأى مُصعبُ أنَّ قولها معناهُ: "إنَّهُ نبيُّ الله"، لأنَّ الرّجُلَ كان مُجاهراً بكفره، وقد شهدت له بالصّلاح. فدلَّ ذلك على أنَّ من شهد على أهل الشّركِ الأكبر بالإسلام، أنَّهُ يُقتلُ، لأنَّ ذلك رضى بالكُفر، وشهادة بأنَّ الكُفرَ الأكبرَ إسلامٌ. وليس مقام النُّبوَّة بأرفع من مقام الألوهيّة، فلا يُقالُ: من اعتقد إلهاً غير الله معذور بالجهل، ومن اعتقد نبيّاً بعد مُحمَّد صلّى الله عليه وسلّم لا يُعذرُ بالجهل.