(الخطأ الحادي والثلاثُون) في الاسم المترتب على الوصف (ونزاعكم مع أكثر المخالفين والرادِّين عليكم مثل التيارات السلفية الجهادية وغيرهم في مسألة الاسم المرتب على الوصف، أعني تنزيل الحكم على الأعيان، لا في توصيف الفعل والحُكم عليه بالكفر والشرك). والجوابُ: من نازعنا في تكفير الأعيان الخارجين عن أصل الدِّين، كالَّذين يعبُدون غير الله، أو لا يُكفِّرُون العابدين لغير الله، أو يُنكرُون الرسالة والبعث والحساب، أو المنكرين لمعلُوم من الدِّين بالضرورة، فليس النّزاع الذي بيننا وبينهُ، في مجرَّد تنزيل الحكم على الأعيان، وإنَّما هو في الإيمان والكُفرِ. والقول بأنّ "الأعيان" لا يُكفَّرون ولا يُعتقَدُ أنّهم قد كفروا، وإن فعلوا الكفر الأكبر المناقض لأصل الدّين، قولٌ ظاهر البطلان. لأنّ أنبياء الله كفّروا أقوامهم وكانوا أقواماً معيّنين. وكان عرب الجزيرة في حياة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بعضهم كفارٌ وبعضهم مسلمون، وارتدّت بنو حنيفة وكانوا قوماً معينين، وكفّر العلماء في كل قرنٍ أقواماً وأفراداً معيّنين. والقرآن يأمر بالجهاد، ولا يُجاهَدُ بغير وجود كفّار معيّنين، ويُحرّم نكاح المشركات وإنكاح المشركين، وهم ناسٌ معيّنون، وهلمّ جرّا .. فإنّ كلّ حكم من الأحكام إنّما يخصُّ أقواماً معيّنين، ومن أنكر تكفير المعيّنين مطلقاً فقد كفر بالكتاب وضلّ الضّلال البعيد. أمَّا قول المفتي الذي لا سلطان له على أحدٍ: "إنِّي أُبيّن لكم القضايا المكفّرة لتجتنبوها وتأمروا الواقعين فيها بإجتنابها، ولكنِّي لا أقولُ لكم: "فلان بن فلان" قد ارتدّ ودمُّه مباحٌ لكم .. لأنّ إنزال العقوبة وإقامة الحدود لولاة الأُمور ونوابهم وقضاتهم، ولستُ من أولئك فأنا أُكفّر الأعمال ولا أُكفّر الأعيان". فقوله صحيحٌ من هذا الوجه. ولكنّ الخطأ الكبير أن تُتخذ مثل هذه المقالة، التي كان يقولها العلماء المفتون الذين لا يُشغلون مناصب الدولة كالقضاء، وولاية الأمصار، كقاعدة كلّية، تُنسخُ بها الآيات الآمرة بالبراءة من أهلِ الشّركِ، وتكفيرهم، ومعاداتهم في الله.