(الخطأ الثامن والعشرُون) في تبديع من لم يُكَفِر المشركين: جاء في الجواب: (وذكرتم أيضا أنّ من اعتقد إسلام الكافر ببدعته، جهلاً لبدعته الكفرية، لا يُكفّرُ حتى تُبيَّن لهُ الحقيقة، وهذا من الغرابة بمكان ذلك، إنّكم أعذرتم هذا لجهله بحقيقة المسألة ولم تعذرُوا (المحل المتنازع) لجهله لحقيقة المسألة، بل اعتبرتم جهلهُ بالمسألة نقضا لأصل الدِّين). والجوابُ: إنَّ هذا الَّذي تستغربُهُ ليس بغريب، وذلك من وجهين: (الأوّل) إنَّ هذا ما قرَّرتَهُ في تعريف أصلِ الدِّين، فقد قلتُ: "إنَّهُ الشّهادتان، وما يدخُلُ في معناهما"، ويدخلُ في معناهما البراءةُ من أهل الشّرك، وتكفيرهم، وبغضهم في الله، ومعاداتهم. (الثّاني) إنَّك تُجادلُ عمن لا يتبرَّأُ من أهلِ الشركِ، وهو عالمٌ بشركهم. فإن كان جاهلاً، فقد جهلَ أصلَ الدين، فلا يُعذرُ بالجهلِ، وإن كان عالما فهو مُكذّبٌ بالحقِّ، وأشدُّ إثماً من الجاهل. أمَّا الذي لا يُكفِّرُ المُبتدعُ الذي كفر ببدعته، فقد يكُونُ السّببُ أنّهُ عرف إسلامَهُ، ولم يثبُتْ عندهُ كُفره، أو عرف اعتقادهُ ولم يعرفْ حكم من اعتقد هذا الاعتقاد، أو العقُوبة التي يستحقّها. فتكفيرُ هذا المتوقّف يكُونُ بعد العلم وإقامة الحجَّة عليه.