(الخطأ الثالث عشر) في مسلم غير موحِّد: جاء في الجواب: (....ولا يقُولُ إنَّ المُشرك مُوحِّدٌ، ولكن يقُولُ: إنَّ هذا مع تلبُّسه بالشرك، يُعذرُ بالجهل، ولا يُكفَّرُ، ولا يُعاملُ معاملة الكافرين). (وهل علّة امتناعه عن التكفير هو اعتقاد أنّ من عبد غير الله مسلمٌ؟ الجواب:لا، إنما لأنّه يظنُّ أنَّ الله تعالى يُعذرُ مثل هذا بالجهل، كما يُعذرهُ بالإكراه وانتفاء القصد.) والجوابُ:إنَّ أحكام الدّين الإسلامي واضحة، لا لبس فيها، والنَّاسُ فيها إمَّا مُسلمُون مُوحِّدُون، وإمَّا كافرُون مشركُون، ولكلِّ فريقٍ منهما أحكامٌ للتّعامُلِ يُراعيها المُسلمُ. وليس في أحكام دين الله، من يُطلقُ عليه "مُشركٌ مُنتسبٌ" أو "مُسلمٌ غير مُوحِّد"، ويُلحقُ بالمُسلمين في أحكام التّعامُل. ولا يجُوزُ أن يُقال عمن لم يتُبْ من الشركِ: "إنَّهُ مُسلمٌ"، أو "إنَّهُ أخي في الدين". لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ (التوبة:11)، والمرادُ هو التوبة من الشّرك والكُفر. قال الإمام الطّبري في تفسير هذه الآية: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ﴾ يقول جلّ ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الّذين أمرتكم أيّها المؤمنون بقتلهم عن كفرهم وشركهم بالله، إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته، وأقاموا الصّلاة المكتوبة فأدّوها بحدودها، وآتوا الزكاة المفروضة أهلها. ﴿فإخْوَانُكُمْ في الدّينِ﴾ يقول: فهم إخوانكم في الدِّين الذي أمركم الله به، وهو الإسلام. ﴿وَنْفَصّلُ الآياتِ﴾ يقول: ونبين حجج الله وأدلّته على خلقه، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ما بُيِّن لهم فنشرحها لهم مفصّلة دون الجهّال الذين لا يعقلون عن الله بيانه ومحكم آياته. ـ اهـ ـ والمُسلم في كتاب الله، هو المُوحِّدُ الّذي لا يُشركُ بالله شيئاً، والإسلامُ الظّاهرُ لا يصحُّ بدون التَّوحيد، ومن لم يَكْفُرْ بعبادة غير الله، لم يدخُل في إطار الإسلام كما هو ظاهرٌ من تعريفه. فقد صحّ عن النَّبي صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: (من قال لا إله إلّا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمّه وحسابه على الله عزّ وجلّ) [مسلم]. وصحّ عنه أنه قال: (بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصّلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصوم رمضان) [متّفق عليه] وصحّ عنه أنّه قال: (الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتُقيم الصلاةَ المكتوبة وتُؤَدي الزّكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ) [متّفق عليه]. وصحّ عنه أنّه قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله) الحديث. [متّفق عليه]. ولا يُثبتُ مشركاً مُسلماً، أومسلما غير مُوحِّد إلا أحد رجُلين: (الأوّل) من لم يبلغهُ تعريفُ الإسلام، وليس عندهُ ما يُفرِّقُ به بين الإسلام والشرك. (الثّاني) صاحب هوى، لا يخشى الله، ويريدُ التحريف والعوج لدين الله.