الدرجة الثالثة: ويمثلها كل مجتمع يسير وفق قيم وشرائع يقتنع بضرورة التزامها، سواءً كان سبب الالتزام ظنّه أنّها شريعة إلهية يخشى إذا أخلّ بها عقوبة الله، أو كان لمجرّد اقتناعه بضرورة التشريع للحياة، ولظنّه أنّها أفضل للإنسان من غيرها. والحاكم أو الملك الذي يحرص على تحقيق العدل ونفي الظلم، ولكنّه لا يتّخذ شريعة الله هادية إلى الحقّ في كلّ الشئون والقضايا. لم يخرج من طغيان الطواغيت لأنّه يأمر وينهى ويعاقب ويجازي ويحلِّل ويحرِّمُ بغير إذن من الله، فهو يتصرّف في أرض الله وماله وعبيده من دونه، فهو "طاغوت" متمرّدٌ كافرٌ بالله .. غير أنّ الطواغيت البشرية لا تكون على درجةٍ واحدة في محبَّة العدل ونفي الظلم الذي تطلبه الرعيَّةُ منهم، وبعضهم أرفق بالناس وأعدل من بعضٍ. و"الطاغوت" الذي له شريعة مدونة يلتزمها وتعرف الرعية منها ما يحبُّ وما يكره، ما يأمر وما ينهى عنه، أرفق بالناس ممن شرعُه ما خطر بباله في يومه ولا يدري الذي يأتيه أيقتله أم يُكرمه.