(2) طغيان الكاهن: الكاهنُ "طاغُوتٌ" متجاوزٌ لحدّ العبد لأنَّه: (أولاً) يدّعى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فيكون متبوعاً بالباطل، يسألُه النّاسُ عن أمور الغيب، ومن سأله وصدّقهُ بما يقولُ [فقد كفر بما أنزل على محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم] كما جاء في الحديث. (ثانياً) صار متبوعاً بالباطل ويأتيه النَّاس للحكم بينهم وفصل النـزاع عنده. وكان العربُ قبل الإسلام يتحاكمون إلى الكُهان. وقد سُئل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الطواغيت التي يتحاكمون إليها فقال: "كان في جُهيْنة واحد وفي أسلم واحد وفي كلِّ حيٍّ واحد وهي كُهان ينـزل عليها الشيطان". (الطبري) ومن قولِ الصحابيّ الذى رواهُ الطبريُّ فى تفسيره، يظهرُ لك أنَّ العربَ كانت تتحاكم إلي الكُهان، وما ذلك إلَّا لأنَّهم يظنُّون بهم علماً وإطِّلاعاً للغيب. ومما يُذكرُ في كُتُبِ التواريخ والسير اتّفاقُ زُعماءُ قريش على التحاكم إلى كاهنةِ بنى سعد لما طلبوا من عبدالمطلب أن يُشركهم في بئر زمزم فأبى هو ذلك. ويُذكر كذلك قصة ذهابِ "عتبة بن ربيعة" بابنتة "هند بنت عتبة" لما رموها بالفاحشة وشكُّوا في أمرها ومعها نسوة كثيرات فقال الكاهنُ عنها: "إنَّها بريئة وستلدُ ملكاً".