(ثانياً) الزهد في الدنيا قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر:5]. وقال تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ [الإسراء: 18]. وقال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ [الكهف: 46]. وقال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [مريم: 59-60 ]. عن أنس بن ما لك رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "اللّهم لا عيش إلا عيش الآخرة" [متفق عليه ]. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : " صلاح أول هذه الأمة بالزهادة واليقين وهلاك آخرها بالبخل والأمل " [طبراني وابن أبي الدنيا]. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس" [الترمذي]. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافاً وقنعه الله بما أتاه" [مسلم]. عن أبي كريمة المقدام بن معديكرب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه بحسب ابن آدم أكلاتٌ يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لِنَفَسِهِ"[الترمذي] عن عبد الله الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد سأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال عبد الله: ألك إمرأة تأوي اليها؟ قال: نعم. قال : ألك مسكن تسكنه؟ قال نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادماً. قال: فأنت من الملوك" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالماً ومتعلِّماً" [لترمذي]. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "من أصبح منكم آمناً في سربه معافياً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" [الترمذي]. عن عبد الله بن شخير عن أبيه رضي الله عنه قال: انتهيت الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرؤ الهاكم التكاثر ويقول: ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبستَ فأبليتَ أو تصدقتَ فأمضيتَ" [مسلم]. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفني أو لبس فأبلى أو تصدق فأمضي, وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس" [مسلم] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: انظروا الى من هو أسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" [متفق عليه]. عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء رجل الى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله دُلني على عمل إذا عملتُه أحبّني الله وأحبّني الناس. فقال:"ازهد في الدنيا يحبّك الله وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس" [ابن ماجه]. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "يتبع الميت ثلاثة: أهله ومالُه وعملُه فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهلُه ومالُه ويبقى عملُه" [ متفق عليه ]. عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" [الترمذي ]. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغبة. ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له" [ الترمذي ]. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن الله يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنىً وأشدُّ فقرك وأن لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أشدّ فقرك" [الترمذي]. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر وجلسنا حوله فقال: إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" [متفق عليه]. وفي الحديث: "والله ما الفقر أخشى عليكم ولكنّي أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" [متفق عليه] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:"تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يُعط لم يرض"[ البخاري ] قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: "والله لئن يُقدَّم أحدكم فتُضرب عنقه في غير حدٍّ خير له من أن يخوض غمرات الدنيا" [عدة الصابرين]. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما يسرّني أن عندي مثل أُحد هذا من ذهب تمضي عليَّ ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلاّ شئ أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله وعن خلفه ثم سار فقال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه وقليل ماهم" [البخاري]. عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا حسد إلا في اثنين: رجلٌ آتاه الله مالاً فسلّطه على هلكته في الحقّ ورجلٌ آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِّمها" [متّفق عليه]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أيّكم مال وارثه أحبّ إليه من ماله؟ قالوا يا رسول الله: ما منّا أحد إلا ماله أحبّ إليه. قال: ماله ما قدّم ومال وارثه ما أخَّر" [البخاري]. عن أبي أمامة صدي بن عجلان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك وأن تُمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وأبدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى". [مسلم]. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اللهم اجعل رزق آل محمّد قوتاً" [متفق عليه]. عن أنس رضي الله عنه قال: لقد رهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم درعه بشعير ومشيت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بخبز شعير وأهالة سنخة، ولقد سمعته يقول:ما أصبح لآل محمّد صاع ولا أمسى وإنهم لتسعة أبيات" [البخاري]. عن النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا، فقال لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه". [مسلم]. عن عمروبن الحارث أخي جويرة بنت حارث أم المؤمنين رضي الله عنها قال: "ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند موته ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أَمةً ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة". [البخاري]. عن عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهوديّ في ثلاثين صاعاً من شعير". [متفق عليه]. سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن الرجل يكون معه ألف دينار هل يكون زاهداً؟ قال: نعم بشرط أن لا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت". [عدّة الصابرين]. قال الحسن البصري رحمه الله: "لقد أدركت أقواماً وصحبت طوائف فما كانوا يفرحون من شيء من الدنيا أقبل ولا يحزنون على شيء أدبر وكانت في أعينهم أهون من التراب الذي يطوف عليه، وكانوا عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم وكانوا إذا جنّ الليل قاموا وافترشوا وقال سفيان الثوري رحمه الله: "الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء". [مدارج السالكين]. وقال ابن القيم رحمه الله: "وسمعتُ شيخ الإسلام يقول: "الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ... والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة".