بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين وصلّى الله وسلّم على رسوله وآله وصحبه أجمعين. أما بعـد : فهذه رسالة قيّمة عن أحوال الدار الآخرة والمراحل والأطوار التي تمرّ بها النفس البشرية .. والمصير الذي ينتظرها إن كانت مسلمة مؤمنة بالله والمصير الذي ينتظرها إن كانت مشركة كافرة بالله العظيم. ومتى عرف الإنسان واستيقن بهذه الأخبار الغيبية الصادقة التي جاءت من الله ورسوله .. عرف أنّ المستقبل الحقيقي الذي يستحقّ العناية والاهتمام والسعي والعمل هو ما يكون بعد موت الإنسان. إذ أن حياته قصيرة الأمد وما بعد الموت خلود وبقاء سرمديّ. فمن فاز في الآخرة وأفلح فهو "السعيد" حقًّا ومن خسر فيها فهو "الشقيّ" حقًّا: ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)) [آل عمران] وليس "المستقبل" الذي يستحقّ كل عناية الإنسان واهتمامه الأيام القلائل المستقبلة من عمره القصير في هذه الحياة الدنيا كما هو الحال في نظرة الجاهلية الحديثة التي يقودها الملاحدة الذين يروِّجون هذه النظرة ويزيِّنون للناس الغفلة عن الآخرة أو إنكارها كليّاً .. مع العناية بالدنيا وطلب زينتها ومتعتها بلا قيود وحساب: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)) [محمّد]. وأولئك الكفار سوف يؤمنون بالآخرة حين لا ينفع الإيمان يقولون كما قال تعالى: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة ]. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.