(ج) الإفتاء: أصل (356) : "التّواضُع وعدم التكلّف والرجوعُ إلى الدّليل من سِمات العلماء الربَّانيّين". قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: 86]. ويؤثر عن بعض الصحابة: "العلمُ ثلاثةٌ: آيةٌ محكمةٌ، وسُنّةٌ ماضيةٌ، ولا أدري". قال أبو حنيفة: "لا يجوز لأحدٍ أن يقولَ بقولنا ما لم يعلمْ من أينَ أخذناه، فإنّا نقولُ القولَ اليومَ ونرجعُ عنه غداً". أو كما قال. وقال مالك: "ما مِنّا إلا رادٌّ ومردودٌ إلاّ صاحبَ هذا القبرِ صلى الله عليه وسلم". وقال الشافعيّ: "إذا صحّ الحديثُ فهو مذهبي". وقال أحـمد: "لا تقلِّد في دينك الرجالَ، وخذ من حيثُ أخذوا". (الموافقات: 4/632). أصل (357): "النَّظر في مآلات الأفعال مقصودٌ شرعاً". قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21]. وقال تعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108]. وقال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 179] وفي الحديث: ‹‹أخاف أن يتحدّثّ الناسُ أن محمّداً "يقتل أصحابه"››. [متّفق عليه]. (الموافقات: 4/552). أصل (258) : "اختيار أخفّ الضررين على الأثقل عند الاضطرار واجبٌ". ويؤثر عن عُمر: "ليس العاقلُ الذي يعرفُ الخير من الشرّ، وإنّما العاقلُ الذي يعرفُ خير الشرّين". أو كما قال رضي الله عنه . (شرح الكوكب المنير: 4/447). أصل (259): "ليس للحاكم ولا للمفتي أن يلزم الناس باتّباعه في مسائل الاجتهاد". ولا ينكرها المحتسب باليد. (الفتاوى: 30/79-81) أصل (260): "الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره". فإذا صحّ تصور المفتي للمسألة صحّت الفتوى، ولذلك لا يجوز للمفتي إطلاق الفتوى في مسألة فيها تفصيل. = وقد استفصل النبي صلى الله عليه وسلم ماعزاً لما أقرّ بالزنا. = وأجاب لما سئل: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال: «نعم، إذا رأت الماء». فبيّن وجوب الغسل في حال دون حال. = واستفتاه ابن أم مكتوم: هل يجد له رخصة أن يصلّي في بيته؟ فقال: «هل تسمع النداء؟». قال: نعم. قال: «فأجب». وأمثال ذلك كثير في فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم. (أعلام الموقّعين: 4/164). أصل (361): "ولا يتمكّن المفتِي والحاكم الحكم بالحقّ إلاّ بنوعين من الفهم". (الأول): فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات حتى يحيط به علماً. (الثاني): فهم الواجب في الواقع: وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع. ثم تطبيق أحدهما على الآخر. (أعلام الموقّعين:1/94). أصل (362): "الحكم على المجتمع يتوقّف على أمرين: معرفة أحوالهم، ومعرفة حكم الله في أمثالهم". (الفتاوى: 28/509). أصل (363) : "الأصلُ أنّ من كان في دارٍ فهو من أهلها". قال ابن قدامة في المغني: "وإن وجد ميّت فلم يُعلم أمسلمٌ هو أم كافرٌ نُظر إلى العلامات من الختان والثياب والخضاب، فإن لم يكن عليه علامة وكان في دار الإسلام غُسل وصُلِّيَ عليه، وإن كان في دار الكفر لم يُغسل ولم يُصلَّ عليه، نصَّ عليه أحـمد. لأنّ الأصل أنّ من كان في دارٍ فهو من أهلها يَثْبُتُ له حكمهم ما لم يقم على خلافه دليلٌ". (المغني والشرح الكبير: 2/204). أصل (364): "الخلاف يورث شبهة إذا لم يتبيّن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا تبيّنت السنّة لا يحلّ لأحد خلافها". لقوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: 59]. (الفتاوى: 21/61-64). أصل (365): "من أفتى وليس أهلاً للفتوى أثم، ومن أقرّه من ولاة المسلمين على ذلك فهو آثم كذلك". وفي الصحيحين: «فإذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤساء جُهالاً فسئلوا فأفتَوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا». (أعلام الموقّعين: 4/191).