(ج) إثبات العلّة: أصل (311): "إثبات العلّة له طريقان: النقل و الاستنباط" (روضة الناظر: 2/257). أصل (312): "إثبات العلّة بالنقل على ثلاثة أضرب" وهي: (الأول): النصّ الصريح على العلّة: نحو قوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]. والحديث: ‹‹إنّما جُعل الاستئذان من أجل البصر››. [متّفق عليه]. وقوله تعالى: ﴿إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: 143]. وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الحشر: 4]. (الثاني): الإيماء والتنبيه وهو أنواع : (1) ذكر الحكم عقب وصفٍ بـ"الفاء" فيدلّ على أنّ ذلك الوصف علّة لذلك الحكم: نحو قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: 222]. وقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة: 38]. والحديث: ‹‹سها النبي صلى الله عليه وسلم فسجد››. [أبو داود والترمذي]. والحديث: ‹‹ورضّ يهوديٌّ رأس جاريةٍ، فأمر عليه الصلاة والسلام أن يُرضَّ رأسه بين حجرين››. [متّفق عليه]. (2) ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الجزاء يدلّ على التعليل: كقوله تعالى: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: 30]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]. (3) أن يُذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ حادث فيجيب بحكم: كقول الأعرابيّ: "واقعتُ أهلي في نهار رمضان"، فقال صلى الله عليه وسلم: ‹‹اعتق رقبة››. [متّفق عليه]. (4) أن يُذكر مع الحكم شيئاً لو لم يُقدّر التعليل به لكان لغواً غير مفيد: مثاله: الحديث الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن بيع الرطب بالتمر، قال: ‹‹أينقص الرطب إذا يبس؟››، قالوا: نعم، قال: ‹‹فلا إذاً››. [مالك / الشافعيّ / أحـمد / أهل السنن]. والحديث: ‹‹أرأيتِ لو كان على أُمك دينٌ فقضيته أكان ينفعها؟››. قالت: نعم. قال: ‹‹فدين الله أحقّ بالقضاء››. [البخاري وأحـمد والنسائي]. (5) أن يُذكر في الكلام شيءٌ لو لم يُعلَّل به صار الكلام غير منتظم كقوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمع: 9]. فعلّة النهي كونه مانعاً من السعي إلى الجمعة. (6) ذِكر الحكم مقروناً بوصفٍ مناسبٍ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: 13-14]. أي لبرّهم وفجورهم. (الثالث): ثبوت العلّة بالإجماع، كالإجماع على تأثير الصغر في الولاية على المال. (روضة الناظر: 2/257). (التمهيد: 4/9). (شرح الكوكب المنير: 4/115-142). أصل (313) : "إثباتُ العلّةِ بالاستنباطٍ على ثلاثة أضرُبٍ" (الأول): السبر والتقسيم : والمراد حصرُ الأوصاف التي تحمل العلّية في الأصل ثم إبطال بعضها بدليل واختيار الباقي. (الثاني): المناسبة: وهي تعيين الوصف للعلية بمجرّد إبداء المناسبة بينه وبين الحكم، كأن يكون مقصوداً لجلب منفعة أو دفع مضرّة من غير نصّ عليه ولا إجماع. (الثالث): الدوران: وهو لغةً: الطواف وعدم الاستقرار. واصطلاحاً: وجود الحكم بوجود العلّة وانعدامه بانعدامها. (روضة الناظر: 2/267). (شرح الكوكب المنير: 4/152-186). أصل (314): "الحكم إذا ثبت بعلّة زال بزوالها". كالخمر إذا ذهب عنها الإسكار وصارت خلاّ حلّت. (الفتاوى: 20/503). أصل (315): "القياسُ الفاسدُ هو الذي لم تتمّ فيه أركان القياس بشروطها". كقياس الذين قالوا: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]. لمجرّد ما بينها من الشبه لوجود التراضي بالمعاوضة المالية. وقياس المشركين الميتة على المذكاة. (الفتاوى: 19/287). (أعلام الموقّعين: 1/135).