(ب) المفهوم: أصل (293): "المفهوم قسمان: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة". (1) ومفهوم الموافقة: هو ما يكون فيه المسكوت عنه موافقاً لحكم المنطوق مع كون ذلك مفهوماً من لفظ المنطوق. لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7-8]. فمثال الجبل المسكوت عنه. أولى بالحكم من الذرة. (2) ومفهوم المخالفة: هو أن يكون المسكوت عنه مخالفاً لحكم المنطوق. ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: ‹‹في الغنم السائمة الزكاة›› فالمنطوق "السائمة" والمسكوت عنه "المعلوفة". والتقييد بالسوم يُفهم منه عدم الزكاة للمعلوفة. ومفهوم المخالفة يُسمّى دليل الخطاب وتنبيه الخطاب. (روضة الناظر: 2/200). (المسودّة: 346). أصل (294) : "مفهوم المخالفة سبعة أقسام". (الأول): مفهوم الحصر: وأقوى صيغ الحصر النفي والإثبات. وللحصر مفهوم في الأدوات "إنّما" وتقديم المعمول وتعريف الجزأين ونحو ذلك. مثل: ‹‹إنّما الصبر عند الصدمة الأولى››. و ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ﴾ [الزمر: 66]. و ‹‹عليٌ المصيب››. (الثاني): مفهوم الغاية: كقوله تعالى: ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]. ومفهومه أنّها إن نكحت زوجاً غيره حلّت له. (الثالث): مفهوم الشرط: كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ [الطلاق: 6]. يُفهم منه أنّ غير الحوامل لا نفقه لهنّ. (الرابع): مفهوم الوصف: نحو: ‹‹في الغنم السائمة الزكاة››. (الخامس): مفهوم العدد: نحو: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: 4]. يُفهم منه أنّه لا يُجلد أكثر من ذلك. (السادس): مفهوم الظرف زماناً كان أو مكاناً: نحو: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]. يُفهم منه أنّه لا حجّ في غيرها.و: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]. يُفهم منه أنّه لا اعتكاف في غير المسجد عند من يقول بذلك. (السابع): مفهوم العلّة: نحو: ‹‹اعط السائل لحاجته››. يُفهم منه أنّه لا يعطى غير المحتاج. ويُدخِلُ بعض الأصوليين "مفهوم اللقب" في أقسام مفهوم المخالفة. واللقب في اصطلاحهم: كلّ اسم جامدٍ سواء كان اسم جنس أو اسم جمع أو اسم عين، لقباً كان أو كنية أو اسماً. فإن قلت: "جاء زيدٌ" لم يُفهم منه عدم مجيء عمرو. بل ربّما يكون اعتباره كفراً. كما قيل: "محمّدٌ رسول الله" يُفهم من مفهوم لقبه أنّ غيره لم يكن رسول الله، ولذا أنكره الأكثرون وهو الصحيح. (إرشاد الفحول: 596). (التمهيد: 2/189). أصل (295): "النص المنطوق مقدَّم على المفهوم". مثال: حديث: ‹‹لا تُحْرِمُ المصّةُ ولا المصّتان››. يُفهم منه أن الثلاثة تحرّم. ولكن جاء نصٌّ يخالف هذا المفهوم وهو: ‹‹خمس رضعات يحرمن››. فقُدِّم المنطوق على المفهوم. (مذكرة أصول الفقه: 424). أصل (296) : "توجد موانع لاعتبار مفهوم المخالفة". منها: (1) أن يكون تخصيص المنطوق بالذكر للامتنان كقوله تعالى: ﴿تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: 12]. فلا يُفهم منه منع قديد الحوت. (2) تخصيص بالذكر لموافقة الواقع كقوله تعالى: ﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 28]. (3) تخصيصه بالذكر جرياً على الغالب. كقوله تعالى:﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ [النساء: 23]. لأن الغالب في الربيبة كونها في حجر زوج أمها (4) تخصيصه بالذكر لأجل التوكيد كحديث: ‹‹لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ...››. (5) ورود الجواب على سؤال، فلو فرض أنّ سائلاً سأله صلى الله عليه وسلم: "هل في الغنم السائمة زكاة"؟ فأجابه: "في الغنم السائمة زكاة". لم يكن له مفهوم، لأنّ صفة السوم في الجواب لمطابقة السؤال. (إرشاد الفحول: 593). (مذكرة أصول الفقه: 425).