(ج) الاستثناء: أصل (277) : "حدّ الاستثناء أنّه قول ذو صيغة متّصل يدلّ على أنّ المذكور معه غير مراد بالقول الأول". وصيغة الاستثناء هي المعروفة في النحو، وأم الباب "إلاّ". (روضة الناظر: 2/174). (المسودّة: 154). أصل (278) : "والاستثناء يفارق النسخ في ثلاثة أشياء". (أحدها) : في اتّصاله. (الثاني) : أنّ النسخَ رفعٌ لما دخل تحت اللفظ، والاستثناء يمنع أن يدخلَ تحت اللفظ ما لولاه لدخل. (الثالث): أنّ النسخ يرفع جميع حكم النص، والاستثناء إنّما يجوز في البعض. تنبيه : وقد يجوز النسخ في البعض كحديث عائشة الثابت في مسلم: "مِنْ نسخ عشر رضعات بخمس رضعات". (روضة الناظر: 2/176). أصل (279): "اشترط بعض الأصوليين للمستثنى ثلاث شروط، وفي بعضها نظر". (الأول): أن يكون متّصلاً بالمستثنى منه. (الثاني): أن يكون من جنس المستثنى منه. وقالوا: إن الاستثناء أخرج بعض ما دخل في المستثنى منه، وغير جنسه لم يدخل حتى يخرج. وفي هذا الجواب نظرٌ لورود الاستثناء المنقطع بكثرة في القرآن وفي كلام العرب. كقوله تعالى: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاّ سَلامًا﴾ [مريم: 62]. وكقوله تعالى: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا. إِلاّ قِيلاً سَلامًا سَلامًا﴾ [الواقعة: 25-26]. وقال الراجز: وبلدةٍ ليس بِها أنيسٌ إلاّ اليعافير وإلاّ العيسُ (الثالث): أن يكون المستثنى أقلّ من النصف. واستدلُّوا بأنّ استثناء الأكثر ليس من كلام العرب، وقد أجاز بعض الأصوليين استثناء الأكثر لوروده في القرآن في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: 42]. (روضة الناظر: 2/177). (شرح الكوكب المنير: 3/284). أصل (280): "ويجوز الاستثناء من الاستثناء وإن تعدّد بعطفٍ فالاستثناءات راجعة إلى المستثنى منه". لقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلاّ امْرَأَتَهُ...﴾ [الحجر: 58 - 60]. ومثال تعدّد العطف: له عليَّ عشرةٌ إلاّ واحداً وإلاّ اثنين. أقرّ بأن عليه سبعة. وإن قال: له عليَّ عشرة إلاّ ثلاثة إلاّ واحداً. أقرّ أنّ عليه ثمانية. وإن قال: له عليَّ عشرة إلاّ واحداً إلاّ ثلاثة. أقرّ بأنّ عليه سبعة. (المسودّة: 154). (شرح الكوكب المنير: 3/311). أصل (281): "الاستثناء إذا ورد بعد جملٍ متعاطفة وتجردّ من القرائن رجع بجميعها على الأظهر". فقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا﴾ [النور: 4-5]. يدلُّ على قبول شهادة القاذف إن تاب وأصلح. وخالف أبو حنيفة، وقال: "لا يرجع إلاّ للجملة الأخيرة". فبنى على ذلك عدم قبول شهادة القاذف وإن تاب وأصلح. (روضة الناظر: 2/185). (المسودّة: 156).