(7) العموم والتخصيص (أ) العام: أصل (255): "العموم من صفات الألفاظ وهو كلام مستغرقٌ لجميع ما يصلح له". مثل: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: 2]. لفظ ﴿الإِنْسَانَ﴾ يعمّ جنس الإنسان. (روضة الناظر: 2/118). (إرشاد الفحول: 391). أصل (256): "ألفاظ العُمومِ خمسة أقسام". (الأول): اسم عُرِّفَ بالألف واللاّم. (الثاني): أدوات الشرط كـ"مَنْ" فيمن يعقل و"ما" فيما لا يعقل و"أيّ" في الجميع و"أين" في المكان، و"أيان" و "متى" في الزمان، إلى آخره. مثل: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾[القصص: 84]. ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 273] (الثالث): المضاف إلى معرفة: مثل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: 18]. (الرابع): كلّ وجميع:كقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران:185]. و ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد: 16]. (الخامس): النكرة في سياق النفي تُفيد العموم. كقوله تعالى: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾ [الأنعام: 101]. و ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ [البقرة: 255] (روضة الناظر: 2/123). (إرشاد الفحول: 398). أصل (257): "النكرة في سياق النفي تكون نصّاً صريحاً في العموم في ثلاث مسائل": (الأولى): المركبة مع (لا) النافية للجنس نحو: ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: 2] (الثاني): التي زيدت فيها "من" في ثلاث مواضع: 1- الفاعل مثل: ﴿مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [القصص: 46]. 2- المفعول مثل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ﴾ [الأنبياء: 25]. 3- والمبتدأ مثل: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [المائدة: 73]. (الثالث): الملازمة للنفي: كالعريب والصافر والدابر والديار. (المسودّة: 103). (شرح الكوكب المنير: 3/136). أصل (258): "من صيغ العموم: النكرة في سياق الشرط والنهي والامتنان". مثل: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ﴾ [التوبة: 6]. و "النكرة في سياق النهي". مثل: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: 24]. و "النكرة في سياق الامتنان".مثل: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48]. وربّما أفادت النكرة في سياق الإثبات العموم بمجرّد دلالة السياق كقوله تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير:14]. ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار:5]. (شرح الكوكب المنير: 3/141). (المسودّة: 103). أصل (259) : "أقلّ الجمع ثلاثة وحُكِيَ عن مالك وابن داود وبعض الشافعية أقلّه اثنان". (روضة الناظر: 2/137). (إرشاد الفحول: 424). (المسودّة: 149). (العُدّة: 2/649). أصل (260) : "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب". والعام الوارد على سبب خاص له ثلاث حالات: (الأولى): أن يقترن بِما يدلّ على العموم فيعُمُّ إجماعاً.كقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38] وكان سبب نزولها المخزومية التي قطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها. والإتيان بلفظ السارق الذكر يدلّ على العموم. (الثانية): أن يقترن بِما يدلّ على التخصيص فيخصّ إجماعاً كقوله تعالى: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب:50] (الثالثة): ألاّ يقترن بدليل التعميم ولا التخصيص والحقّ فيها:"أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب". ولذلك يعُمُّ حكم آية اللعان النازلة في عويمر العجلاني وهلال. وآية الظهار النازلة في امرأة "أوس بن الصامت" وآية الفدية النازلة في "كعب بن عجرة". وقصة الأنصاري الذي أذنب ذنباً فنَزلت بسببه: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: 114] فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: إليّ هذا وحدي يا رسول الله؟. فأجابه: "بل لأمّتي كلّهم". [متّفق عليه]. ممّا يُستدلّ بأنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (روضة الناظر: 2/141). (شرح الكوكب المنير: 3/177). أصل (261) : "العبد داخل في الخطاب العام". مثل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ [النساء: 1]. و﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ [النور: 31]. و ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]. لأنّ العبيد من جملة الناس والمؤمنين والأمّة ومن جملة المكلَّفين. (روضة الناظر: 2/147). (المسودّة: 34). أصل (262) : "يدخل النساء في الجمع المضاف إلى الناس وما لا يتبيّن فيه لفظ التذكير والتأنيث". وبيان ذلك أن تقول: 1) الخطاب بمثل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ وكأدوات الشرط نحو (من) لا خلاف في دخول النساء فيه، إلاّ ما يُذكر عن بعض الحنفية 2) ولا يدخلن فيه إذا كان الخطاب بلفظ الرجال أو الذكور كما لا يدخل الرجال في لفظ النساء والإناث إجماعاً. 3) واختُلِف في دخول النساء في الجموع المذكرة السالمة كالمسلمين وضمائر جماعة الذكور نحو: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا﴾[الطور:19] والراجح دخولهنّ للأدلّة الآتية: قوله تعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم:12]. وقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: 29]. وقوله: ﴿إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [النمل: 43]. وقوله: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ [البقرة: 38]. (روضة الناظر: 2/148). (المسودّة: 45). (العُدّة: 2/351-353). أصل (263): "أدوات الشرط نحو (من) تشمل النساء". ولم يخالف في ذلك إلاّ بعض الحنفية وقالوا في الحديث: ‹‹من بدّل دينه فاقتلوه›› إنّه لا يتناول المرأة فلا تُقتل عندهم المرتدة بناءً على ذلك. ومن الأدلّة القرآنية على دخول النساء في لفظ (من) : قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ [النساء: 124]. وقوله: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ...﴾ [الأحزاب: 30]. وقوله: ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ...﴾ [الأحزاب: 31]. (شرح الكوكب المنير: 3/240-243). أصل (264): "العامُ حجّةٌ بعد التخصيص". وخالف فيه بعض العلماء وقالوا: لا يبقى حجّة. قال ابن قدامة: "ولنا تمسك الصحابة رضي الله عنهم بالعمومات، وما من عموم إلاّ وقد تطرّق إليه التخصيص إلاّ اليسير" (ا ﻫ). جاء في القرآن -مثلاً- ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: 24]. وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه يخرج منه جمع المرأة مع عمّتها أو خالتها. فلا يخفى أن عموم الآية يبقى فيما سوى ذلك. (روضة الناظر: 2/150). (المسودّة: 116). أصل (265) : "العامُ حقيقةٌ بعد التخصيص وتناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بلا تخصيص أي بحسب الوضع الأصلي". هذا هو الأظهر الذي عليه عامة الفقهاء. وادّعى قومٌ أنّه يصير مجازاً لأنّ أصل الوضع يتناوله مع غيره والشيء مع غيره غيره لا مع غيره. (روضة الناظر: 2/152). (العُدّة: 2/539). أصل (266) : "اللفظ العام يجب اعتقاد عمومه والعمل به". أي لا يجوز التوقف على البحث عن المخصص لأنّ اللفظ موضوع للعموم. وهذا هو الأظهر الذي عليه الجمهور خلافاً لمن قال: "لا يجوز اعتقاد عمومه ولا العمل به قبل البحث عن المخصص".(روضة الناظر: 2/157). (العُدّة: 2/525). أصل (267): "إذا عارض العام المخصوص عمومات محفوظة أقوى منه قُدّمت عليه". كتقديم الأمر العام بفعل صلوات ذوات الأسباب على النهي العام عن الصلاة في بعض الأوقات. (الفتاوى: 23/210). أصل (268): "ترك الاستفصال من الرسول في حكايات الأحوال مع الاحتمال يُنَزّل منْزلة العموم في المقال". قاله الشافعيُّ. (المسودّة: 108).