(ﻫ) المصلحة المرسلة: أصل (227): "المصلحة هي ما يجلب النفع، والمفسدة ما يجلب المضرّة". والمصالح درجات فمنها: الضرورية والحاجية والتحسينية. والمفاسد درجات فمنها: ما يفسد الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات. ويجوز القول بأنّ المصلحة هي جلب المنفعة أو دفع المضرّة. (الموافقات: 2/324 وما بعدها). (روضة الناظر: 2/293-294). أصل (228): "تُقسم المصالح من حيث اعتبار الشارع لها إلى ثلاثة أقسام: معتبرة وملغاة ومرسلة". (الموافقات: 2/351). أصل (229) : "المصالح المعتبرة : هي التي اعتبرها الشارع بأن شرع لها الأحكام الموصلة إليها". مثال ذلك: حفظ الدِّين والنفس والعقل والنسب والعرض والمال. وعلى أساس ذلك جاء دليل القياس، فكل واقعة لم ينصّ الشارع على حكمها وهي تساوي واقعة أخرى ورد نصّ على حكمها في علّة هذا الحكم فإنّها تأخذ نفس الحكم المنصوص عليه. (الموافقات: 2/352). أصل (230): "المصالح الملغاة : هي التي ليس لها شاهد اعتبار من الشرع، بل شهد الشرع بردّها وجعلها ملغاةً". وهذا النوع من المصالح مردود ولا سبيل إلى قبوله. مثال ذلك: = التسوية بين الذكور والإناث في الإرث. = الابتعاد عن العمل بأحكام القرآن لكسب رضى الدول الكافرة الغنية. = ترك البراءة من أهل الشرك لمصلحة الدعوة. = الانتساب إلى المذاهب الكفرية لابتغاء العزّة من الكفّار. = ترك الدعوة والجهاد لأجل القيام بمصالح الأهل والقرابة. = تولّى المرأة للمناصب الدولية واختلاطها بالأجانب وتبرّجها لتحقيق ما يُسمَّى بـ"حريّة المرأة أو توفير الإنتاج ". (الموافقات: 2/351). أصل (231) : "المصالح المرسلة : هي المصالح التي لم يأت من الشرع ما يدلّ على اعتبارها أو على إلغائها في علم المجتهد". وسُميت "مصالح" لأنّها تجلب نفعاً أو تدفع ضرراً. وهي "مُرسلة" لأنّها مطلقة عن اعتبار الشارع أو إلغائه. فهي من الوقائع المسكوت عنها وليست لها نظيرٌ منصوص على حكمه يمكن أن نقيس عليه، وفيها وصفٌ مناسبٌ لتشريع حكم معيّن من شأنه أن يحقّق منفعة أو يدفع مفسدة. مثالها: جمع القرآن، تولية عمر للخلافة، قتل الجماعة بالواحد، اتّخاذ السجون، وضع الخرّاج، تدوين الدواوين، منع الصحابة من مغادرة "المدينة"، تولية المفضول مع وجود الفاضل، منع عمر التزوّج بالكتابيات، إمضاؤه للطلاق الثلاث بلفظ واحد. (الفتاوى: 11/342). أصل (232) : "للمصلحة المرسلة ضوابطٌ تحكمها". وهي: (1) اندراجها في مقاصد الشرع. (2) عدم معارضتها للكتاب والسنّة. (3) عدم معارضتها للقياس الصحيح. (4) عدم تفويتها لمصلحةٍ أهمّ منها أو مساوية لها. (هامش إرشاد الفحول: 791). (شرح تنقيح الفصول: 445). أصل (233): "مجال العمل بالمصلحة المرسلة هو في نطاق المعاملات دون العقائد والعبادات". لأنّ الزيادة في العقائد والعبادات ابتداعٌ في الدِّين ولا يقرّه الشرع. أصل (234): "ما اعتقد العقل مصلحةً وإن كان الشرع لم يرِد به فأحد الأمرين لازمٌ له: إمّا أنّ الشرع دلّ عليه من حيث لم يعلم الناظر أو أنّه ليس بمصلحة وإن اعتقده مصلحة". وقد دلّ القرآن على أنّ الناس يتوهّمون أن الشيء ينفع لأجل ما فيه من منفعة مرجوحة بالمضرّة كما قال تعالى في الخمر والميسر: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219]. وهذا يفيدنا : (أولاً) في معرفة أنّ ما يقوله الفقيه أنّه "مصلحة مرسلة" يجب أن لا يعارض الكتاب والسنّة والإجماع والقياس الصحيح، وأن لا يفوّت مصلحة أهمّ منه. (ثانياً) في أن لا نقبل كل ما يحدثه العُبّاد ويرونه "مصلحةً" في الدِّين ما لم يشهد لصحته دليلٌ من الشريعة. (الفتاوى: 11/344-345). أصل (235) : "درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المنافع". وليس للمسلم أن يُقدّم في جلب منفعةٍ إذا كانت لا تنال إلاّ بالوقوع في مفسدة وإثم. قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219]. (شرح الكوكب المنير: 4/447).