(ب) الاستصحاب: أصل (213): "استصحاب العدم الأصلي حجة حتى يرد دليلٌ". وذلك أنّ الأصل براءة الذمة من التكليف قبل الخطاب. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: 115]. وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: 22]. وقال تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: 23] وقال تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: 275]. (الفتاوى: 11/34 ، 23/15 ، 29/166). (العُدّة: 1/73). (المسودّة: 488). أصل (214): "يجب استصحاب الدليل الشرعي". كاستصحاب النصّ حتى يرِد الناسخ، والعموم حتى يرِد المخصّص، ودوام الملك حتى يثبت انتقاله. ودليل ذلك مفهوم مما تقدم. (شرح الكوكب المنير: 4/405). (أعلام الموقّعين: 1/316). أصل (215): "اليقين لا يزول بالشكّ". مثاله: لما كان الأصل في الذبائح التحريم وشكّ هل وجد الشرط المبيح أم لا بقي الصيد على أصله لقوله صلى الله عليه وسلم: "فلا تأكله، فإنّك لا تدري الماء قتله أم سهمك". [متّفق عليه]. وقوله صلى الله عليه وسلم: "فلا تأكل، فإنّك لا تدري أيهما قتله". [متّفق عليه]. ولما كان الأصل بقاء المتطهّر على طهارته لم يأمره بالوضوء مع الشكّ كما في الحديث: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً". [متّفق عليه]. (شرح الكوكب المنير: 4/405). (أعلام الموقّعين: 1/316). أصل (216): "العبادات مبناها على الأمر، والمعاملات مبناها على النهي". أي أنّ العبادات توقيفية، ولا يجوز إحداثها بغير أمر إيجاب أو استحباب لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ". أي مردود. والحديث متّفق على صحّته. وقال في المعاملات والعادات: "أنتم أعلم بأمر دنياكم". وقال: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوا". (الفتاوى: 4/196). (الموافقات: 2/585-589). أصل (217): "المشكوك فيه على ثلاثة أضرب". (الأول) ما أصله الحظر كالذبيحة في بلدٍ أهلها مشركون أو خليط من المسلمين والمشركين، فيبقى على التحريم. (الثاني) ما أصله الإباحة، كالماء يُشكّ في طهارته فيبقى على إباحة شربه والتطهّر منه. (الثالث) ما لا يعرف أصله فالورع تركه كما في الحديث: "لولا أنّي أخشى أنّها من الصدقة لأكلتها". (المغني: 4/297). أصل (218): "الأصل في الأعيان الطهارة". (المغني: 4/297). أصل (219): "الأصل في الأبضاع والذبائح التحريم". لأنّ الله تعالى أحلّ ذلك بشروط فقال: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ [النساء: 25]. وفي الحديث: "لا نكاح إلاّ بوليّ وشاهدي عدلٍ". وقال تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: 121]. (الفتاوى: 32/190). أصل (220): اختلف في استصحاب حال الإجماع في محلّ النّزاع. ومثاله: القول بأنّ المتيمّم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة يستمرّ في صلاته لأنّ الإجماع منعقدٌ على صحة صلاة المتيمّم ودوامه فيها، فنحن نستصحب ذلك إلى ورود الدليل الصارف عنه. وقد ذهب الإمام ابن القيم وغيره إلى أن استصحاب حال الإجماع في محلّ النّزاع حجّة. وذهب الأكثرون إلى أنّه ليس بحجّة. (العُدّة: 4/1265). (التمهيد: 4/255-256). (أعلام الموقّعين: 1/320). أصل (221): "الاستصحاب حجّة عند عدم الدليل" هو مذهب الأكثرين من أصحاب مالك والشافعيّ وأحـمد والظاهرية. (شرح الكوكب المنير: 4/403). (الفتاوى: 11/342). أصل (222): "النافي للحكم يلزمه الدليل". اختُلف فيمن نفى حكماً كأن يقول ليس الأمر الفلاني بكذا، هل يكفيه مجرّد النفي. بناءً على أنّه الأصل حتى يرد دليل الوجوب، أو يكلّف بالدليل على ما ادّعاه من النفي. والصحيح أنّ النافي للحكم يلزمه الدليل على ما ادّعاه لقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 111]. ولأنّ الاستصحاب هو عدم العلم بالدليل وليس علماً بعدم الدليل. (العُدّة: 4/1270).