(5) أصول غير مستقلّة (أ) قول الصحابيّ : أصل (211): "قول الصحابيّ حجّة إن كان مما لا مجال للرأي فيه". لأنّه في هذه الحالة في حكم المرفوع كما تقرّر في علم الحديث فيقدّم على القياس ويخصّ به النصّ وذلك إن لم يُعرف الصحابي بالأخذ من الإسرائيليات. وإن كان مما للرأي فيه مجالٌ فإن انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف فهو الإجماع السكوتي، وهو حجّة ظنية عند الأكثر، وإن عُلم له مخالف من الصحابة فلا يجوز العمل بقول أحدهم إلاّ بترجيحٍ بالنظر في الأدلّة. وإن لم ينتشر فقيل: حجّة على التابعيّ ومن بعده لحضوره التنْزيل ومشاهدته لقرائن الأحوال. وقيل: ليس بحجّة على المجتهد التابعيّ لأنّ كليهما مجتهد يجوز في حقّه أن يخطئ وأن يصيب. (المسودّة: 336). (شرح الكوكب المنير: 4/424). أصل (212): "قول الصحابيّ الذي ليس له حكم الرفع ليس بحجّة على مجتهد آخر من الصحابة إجماعاً". فليس للمجتهد العارف بالدليل أن يترك ما ظهر له من الأدلّة إلى قول غيره، ولا يعارض ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ‹‹عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين›› [الترمذي وأبو داود]. وقوله: ‹‹اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر›› [الترمذي وغيره]. وقد كان الخلفاء يشاورون الصحابة ويرجعون عن رأيهم لرأي غيرهم. قال أبو حنيفة: "إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الثقاة أخذنا به، فإذا جاء عن الصحابة لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمناهم". وقال الشافعيّ: "ومن أدركنا ممن يُرضى أو حُكِي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنّة إلى قولهم إن أجمعوا وقول بعضهم إن تفرّقوا بهذا نقولُ ولم نخرج من أقاويلهم، وإن قال واحدٌ منهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله، فإنّهم فوقنا في كل علمٍ واجتهاد وورع وعدل وأمرٍ استُدرك به علم أو استُنبط به قياس وآراؤهم لنا أحمد وأولى من اتّباعنا لأنفسنا". وقال أحـمد بن حنبل: "ما أجبتُ في مسألةٍ إلاّ بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وجدتُ في ذلك السبيل إليه أو عن الصحابة أو عن التابعين، فإذا وجدتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعدِلْ إلى غيره. فإذا لم أجد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، فإذا لم أجد عن الخلفاء فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر فالأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم أجد فعن التابعين وعن تابعي التابعين. وما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ بعملٍ له ثوابٌ إلاّ عملتُ به رجاء ذلك الثواب ولو مرّة واحدة". (شرح الكوكب المنير: 4/422). (المسودّة: 336).