(أ) خطاب التكليف: أصل (19): "ينقسم خطاب التكليف إلى خمسة أنواع": "الواجب - والمندوب - والمباح - والمكروه - والحرام". والتكليف لغةً وشرعاً: "إلزام ما فيه كلفة أي مشقة" أو "طلب ما فيه مشقّة" فيدخل في هذا التعريف الأمر بقسميه والنهي بقسميه، وأدخلوا "المباح" فيه مسامحة وتكميلاً للقسمة أو لكونه يتغيّر بالنيّة والقصد إلى أحد هذه الأقسام. قالت الخنساء في صخر: يكلفه القومُ ما نابهم وإن كان أصغرهم مولداً والتكاليف في الإسلام داخلةٌ في حدود استطاعة العباد. لقوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]. ولخطاب التكليف علامتان: (الأولى): أن يكون في قدرة المكلّف. (الثانية): أن يكون مأموراً به أو منهياً عنه. (روضة الناظر ص: 90 ، 136) / و(الفتاوى: 22/26-2/227) / (المسودّة: ص: 65). أصل (20): الواجب: "هو ما تُوُعِدَ بالعقاب على تركه" أو "ما أُمر به أمراً جازماً بحيث يُثاب فاعله ويستحقّ العقاب تاركه". أو "ما يمدح فاعله ويُذمّ تاركه". والواجب لغة: "هو سقوط الشيء لازماً محلّه". قال الجمهور: الفرض والواجب شيء واحد. وفرّقته الحنفية بينهما وقالوا: "الفرضُ ما ثبت بدليل قطعيّ ولا يسامح بتركه عمداً ولا سهواً كأركان الصلاة". (روضة الناظر ص:90).(مذكرة أصول الفقه ص:32).(العُدة: 1/159).(إرشاد الفحول ص: 58) أصل (21): "ينقسم الواجب باعتبار ذاته ووقته وفاعله". ينقسم باعتبار ذاته إلى قسمين: معيّن كالأمر بالصلاة " ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾". ومبهم أو مُخيّر كالأمر بالكفارة: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ وباعتبار وقته إلى قسمين: مضيّق: وهو ما لا يسع وقته أكثر من فعله: كصيام رمضان. وموسع: وهو ما يسع وقته أكثر من فعله كالصلوات الخمس. وباعتبار فاعله: إلى واجب عيني: وهو ما يلزم كل مسلم فعله كالصلاة والصيام وما إلى ذلك. وواجب على الكفاية: وهو ما إذا قام به البعض سقط عن الآخرين كدفن الميّت وإنقاذ الغريق والآذان للصلاة .. وما إلى ذلك. (الفتاوى: 9/300). (مذكرة أصول الفقه ص: 34). (المسودّة ص: 28-30). (إرشاد الفحول ص: 59). أصل (22) : "ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب". ولا خلاف بين العلماء في وجوب فعل ما لا يتمّ الواجب إلاّ به كالسعي للجمعة وقطع المسافة للحجّ والطهارة للصلاة. أما ما كان من قبيل الشروط كالزوال للظهر والغروب للمغرب والنقاء من الحيض .. فليست من ذلك وإنّما هي من باب ما لا يتمّ الوجوب إلاّ به، وكذلك تملّك النصاب والاستطاعة للحجّ، لا يتمّ الوجوب إلاّ بذلك ولا يؤمر العبد بتملك النصاب والاستطاعة. وقد غلط من جعل كل ذلك من باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به وقسمها إلى مقدور عليه مأمور به، ومقدور عليه غير مأمور به. وغير مقدور عليه. (الفتاوى: 20/159). (المسودّة ص: 60). (التمهيد: 1/321). أصل (23) : "ما لا يتمّ ترك الحرام إلاّ به فتركه واجب" مثال ذلك: اختلاط الأخت بأجنبية، واختلاط المذكاة بالميتة، وكالميّت في دار الكفر فلا يصلّى عليه حتى يتبيّن حاله. (المسودّة ص: 65). (الفتاوى: 10/533). (مذكرة أصول الفقه ص: 40). أصل (24): "المندوب: هو ما في فعله الثواب وليس في تركه عقاب" أو "ما أُمر به أمراً غير جازم". لأن الأمر قسمان: (1) أمرٌ جازمٌ في تركه العقاب. (2) أمرٌ غير جازم ليس في تركه العقاب. ويدخل القسمان في قوله تعالى:﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ وقوله:﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ﴾. والندب في اللغة الدعاء إلى الفعل كما قال الشاعر: لا يسـألون أخاهم حين يندبهم في النـائبات على ما قال برهاناً. (شرح الكوكب المنير: 1/340). (روضة الناظر: 1/112). (المسودّة ص: 6). أصل (25) : "الزيادة على قدر الواجب ليست واجبة". الزيادة على الواجب قسمان: (1) متميّزة عن الواجب: كالنافلة إلى الصلوات الخمس. (2) غير متميّزة عنه: كالزائد على قدر الطمأنينة في الركوع والسجود. فقال قوم: هي واجبة. والصحيح عدم الوجوب بدليل جواز الاقتصار بالقدر الواجب. (شرح الكوكب المنير:1/114). (المسودّة ص: 58). (العُدّة ص: 410). (التمهيد: 1/326). أصل (26): "المباح: ما أذن الله في فعله وتركه غير مقترن بذم فاعله وتاركه ولا مدحه". كالأكل والشرب والجماع والإقامة في مكان وقد يصير بالنية واجباً أو مندوباً. (الفتاوى:14/108 ، 109). و(العُدّة ص:167). و (المسودّة ص:577). و (التمهيد:1/67) أصل (27) : "الإباحة قسمان: عقلية وشرعية". 1) عقلية: وهي "البراءة الأصلية" أو استصحاب العدم الأصلي. 2) شرعية: ما سبقه حظرٌ فأُبيح بعد ذلك كإباحة الجماع في ليالي رمضان. (روضة الناظر: 1/117). و (شرح الكوكب المنير: 1/427). و (المسودّة ص: 36). و (مذكرة أصول الفقه ص: 44). أصل (28) : "لا يسمّى رفع البراءة الأصلية نسخاً" قال تعالى: ﴿ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ﴾ [البقرة: 275]. وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: 22]. (شرح الكوكب المنير: 3/527). و (روضة الناظر ص:190). و (إرشاد الفحول ص: 607). و (مذكرة أصول الفقه ص: 45). أصل (29) : "الإباحة الشرعية رفعها نسخٌ". لأنّ الإباحة الشرعية حكم شرعيّ، والنسخ هو رفع الحكم الشرعي: كرفع إباحة الفطر في رمضان، ورفع إباحة المتعة. (إرشاد الفحول ص: 607). و (مذكرة أصول الفقه ص: 45). أصل (30): "حكم المنتفع به قبل ورود الشرع اختلف فيه". قيل: إنّه على الإباحة. لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾ و ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾. وقيل: إنّه على التحريم. لأنّ الأصل منع التصرّف في ملك الغير. وقيل: التوقّف حتى يرد دليل. (الفتاوى:21/538).(روضة الناظر:1/117).(العُدّة:4/1238). و(شرح الكوكب المنير:1/322) أصل (31): "الأعيان لها ثلاث حالات: نفع لا ضرر فيه وضرر محض لا نفع فيه ونفع من جهة وضرر من جهة". (1) فما فيه نفع لا ضرر فيه: فهو مباح (على الإباحة). (2) وما فيه ضرر محض لا نفع فيه كالأعشاب السامة: فهو على التحريم. (3) وما كان فيه نفع من جهة وضرر من جهة فيه تفصيل: = إذا كان النفع أعظم فمباح على الأظهر. = إذا كان النفع يساوي الضرر فحرام. = إذا كان الضرر أعظم فحرام. (الفتاوى: 20/48-61). (مذكرة أصول الفقه ص: 48). أصل (32): المكروه: "هو ما تركه خيرٌ من فعله ولا يتعلّق بفعله عقاب". مثل: النذر. والمراد بالكراهة هنا كراهة تنْزيه لأنّ الكراهة على قسمين: (1) كراهة تنْزيه. (2) كراهة تحريم. (إرشاد الفحول ص: 61). (روضة الناظر: 1/123). (شرح الكوكب المنير: 1/ 413). أصل (33) : الحرام: "هو ما في تركه الثواب وفي فعله العقاب". والحرام لغة: صفة مشبهة باسم الفاعل ومعناه: الممنوع. (إرشاد الفحول ص: 61) (روضة الناظر: 1/126) (شرح الكوكب المنير: 1/386). أصل (34) : "هل يكون الشيء الواحد حراماً من جهة مباحاً من جهة طاعةً من جهة معصية من جهة"؟. الجواب: إنّ الوحدة على ثلاثة أقسام: 1) وحده بالجنس: كالبعير والخنْزير كلاهما حيوان، ولا خلاف في إباحة البعير وحرمة الخنْزير. 2) وحدة بالنوع: كالسجود لله والسجود لغيره سجود عبادة ، متّحدان في النوع أي: اسم السجود، ولا خلاف في أنّ السجود لله طاعةٌ ولغيره كفرٌ. 3) وحدة بالعين: كالصلاة في الأرض المغصوبة. ووقع الخلاف في هذا القسم الأخير على قولين: (الأول) يُمكن أن يكون الشيء الواحد مأموراً به من وجه منهياً عنه من وجه، عزّى الإمام ابن تيمية هذا القول إلى أهل السنّة والجماعة. (الثاني) لا يُمكن ذلك، وعزّى الإمام ابن تيمية هذا القول إلى المعتزلة والخوارج، وقد وافقهم على ذلك بعض العلماء من أهل السنّة. (الفتاوى: 19/295-305). (روضة الناظر: 1/126). (شرح الكوكب المنير: 1/391). أصل (35): "شروط التكليف قسمان: راجعة إلى المكلّف وراجعة إلى الفعل المكلّف به". القسم الأول: (1) العقل: لا خلاف في كونه شرطاً. (2) البلوغ: الجمهور على كون الصغير غير مكلّف. (3) ، (4) عدم النوم وعدم النسيان: فيهما اختلاف لفظيّ. وفي الحديث: «رُفع القلمُ عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق». وفي الحديث الآخر: «إنّ الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». القسم الثاني: (1) التمكّن من العلم: قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: 115]. (2) القُدرة على العمل قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: 286]. وفي الحديث: إنّ الله قال: "نعم". [مسلم]. الفتاوى:10/344-348 - 22/41-43 ، 100-102 – 10/431-432 أصل (36): "المكره مكلّف". جزم به ابن قدامة. وفيه تفصيل: الإكراه قسمان: قسم لا يكون المكره مكلّفاً بالإجماع. كمن حلف لا يدخل دار زيد، فحمل قهراً فأدخل. وقسم هو محلّ الخلاف: "افعل كذا وإلاّ قتلتك". جزم ابن قدامة أنه مكلّف، والظاهر فيه تفصيل. = يسقط التكليف إذا طُلب منه التكلّم بكلمة كفر أو أن يشرب الخمر أو الميتة أي ما لا يتعدّى ضرره إلى غيره. = لا يكون عذراً يسقط التكليف إذا طُلب منه أن يقتل نفسه أو غيره أويزني. (روضة الناظر: 1/142). و (شرح الكوكب المنير: 1/508). و (المسودّة ص: 35). أصل (37): "اختلفوا في النائم والناسي". فقيل: هما مكلّفان: بدليل الإجماع على وجوب القضاء عليهما. وقيل: غير مكلّفين: بالإجماع على سقوط الإثم. وهذا النّزاع لفظيّ. (شرح الكوكب المنير: 1/511). و (المسودّة ص: 35). و (روضة الناظر: 1/139). أصل (38): "السكران الطافح لا يلزمه شيء إلاّ ما كان من خطاب الوضع، والذي يفهم ما يُقال له مكلّف". (شرح الكوكب المنير: 1/505). و (الفتاوى: 33/103). و (روضة الناظر: 1/140). أصل (39): "الكفار مخاطبون بفروع الإسلام وبما لا تصحُّ بدونه". والدليل قوله تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ [المدثر: 42-44]. ، ﴿إِنّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الحاقة: 33-34]. ولم يؤمروا بالقضاء لأنّ الإسلام يجبُّ ما قبله. قال بعض العلماء: هم غير مخاطبين بِها، لأنّهم لو فعلوها لم تقبل منهم. وقال آخرون: مخاطبون بالنواهي دون الأوامر. (العُدّة: 2/358). و (شرح الكوكب المنير: 1/500). و (روضة الناظر: 1/145). أصل (40) : "الأحكام الشرعية التعبدية يشترط في الصحة نيّة التقرّب". كالصلاة والزكاة والصيام والحج. (المسودّة: 43). أصل (41): "الأحكام الشرعية غير التعبدية لا يشترط في الصحة نية التقرّب كقضاء الدَّين". وأداء الأمانة والإنفاق على الزوجة. (شرح الكوكب المنير: 1/491). (المسودّة: 43). أصل (42): "تكليف ما لا يطاق على خمسة أقسام". (1) الممتنع في نفسه كالجمع بين الضدين. (2) الممتنع في العادة كصعود السماء. (3) ما تعلّق به العلم والمشيئة والخبر بأن لا يكون. (4) جميع أفعال العباد لأنّها مخلوقة لله وموقوفة على مشيئته. (5) ما يتعسر فعله، لا يتعذر. فالأولان ممتنعان سمعاً بالاتّفاق وإنّما الخلاف في الجواز العقلي على ثلاثة أقوال. والثلاثة الباقية واقعة جائزة بلا شكّ. (شرح الكوكب المنير: 1/484). و (المسودّة ص: 79). و (الفتاوى: 3/318-326). أصل (43): "الأفعال الاختيارية التي يكلّف الله بِها العباد على أربعة أقسام". (1) الفعل الصريح : كالصلاة والجهاد. (2) فعل اللسان: كقوله تعالى: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: 112]. (3) الترك:والتحقيق أنّه فعل: قال الله تعالى: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: 63]. وفي الحديث: ‹‹المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده›› [متّفق عليه]. وجاء في الصحيح قول الصحابة عند حفر الخندق : "لئن قعدنا والنبي يعمل فذلك منّا العمل المضلّل". (4) العزم المصمّم على الفعل : كما في الحديث: ‹‹إنّه كان حريصاً على قتل صاحبه›› [متّفق عليه]. (روضة الناظر: 1/156). و (مذكرة أصول الفقه ص: 75). و (المسودّة - ص: 80). أصل (44): "ليس من شرط الوجوب تحقّق العقاب على الترك وليس من شرط الحرام تحقّق العقاب على الفعل". وذلك لأنّ الله قد يغفر للمذنب ذنبه بأسباب منها: التوبة والاستغفار، واجتناب الكبائر، والحسنات الماحية والمصائب. (المسودّة: 8). (الفتاوى: 11/686 ، 687). أصل (45): "المكروه يجب استعماله مع الحاجة وتزول الكراهة ". وذلك إذا احتيج إليه لأمرٍ واجب، كاغتسال الجنب في الحمام الذي فيه منكر في البلاد الباردة. (الفتاوى: 21/311-312). أصل (46): "الإيجاب والتحريم قد يكون نعمة وقد يكون عقوبة وقد يكون محنةً". فالأول: كإيجاب الإيمان والمعروف وتحريم الكفر والمنكر. والثاني: كقوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: 160]. وقوله تعالى: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 157]. والثالث: كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة: 249]. (الفتاوى: 20/199-200). أصل (47): "الاستدلال بكون الشيء بدعة على كراهته قاعدة عظيمة". وذلك للحديث: "كل بدعة ضلالة" [مسلم]. (الفتاوى: 4/194). أصل (48): "ما نهى سداً للذريعة يُباح للمصلحة الراجحة". مثال: إباحة النظر إلى المخطوبة والسفر بالأجنبية إذا خيف عليها الضياع. (الفتاوى: 23/186-187 // 31/255). أصل (49): "إذا أوجبت العبادة ضرراً يمنع فعل واجب أنفع منها حرّمت". كالصائم في الجهاد فيؤمرُ بالفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: "والفطر أقوى لكم". [مسلم]. ومن تفوته صلاة الصبح في الجماعة إذا أطال صلاة الليل. (الموافقات: 2/446). (الفتاوى: 25/272). أصل (50): "إذا كانت توقعه في محرّم لا تقاوم مفسدته مصلحتها حرّمت". مثل الانقطاع من الطريق والملل وبغض العبادة وكراهة التكليف. وفي الحديث: "عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإنّ الله لا يملّ حتى تملُّوا". [مُتّفقٌ عليه]. والحديث: "أفتانٌ أنت يا معاذ". [مُتّفقٌ عليه]. (الموافقات: 2/440). (الفتاوى: 25/273). أصل (51): "إذا كان لا يتأتى له فعل الحسنة إلاّ بسيئةٍ دونها في العقاب لزمه أن يفعل الحسنة". قال الإمام ابن تيمية: "فلها صورتان: إحداهما‏:‏ إذا لم يمكن إلا ذلك فهنا لا يبقى سيئة فإن ما لا يتم الواجب، أو المستحب إلا به فهو واجب أو مستحب‏.‏ ثم إن كان مفسدته دون تلك المصلحة لم يكن محظورا كأكل الميتة للمضطر ونحو ذلك من الأمور المحظورة التي تبيحها الحاجات كلبس الحرير في البرد ونحو ذلك‏.‏" قال: "كما أن من الأمور المباحة، بل والمأمور بها إيجابا أو استحبابا‏:‏ ما يعارضها مفسدة راجحة تجعلها محرمة أو مرجوحة كالصيام للمريض وكالطهارة بالماء لمن يخاف عليه الموت كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قتلوه قتلهم الله هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال‏)‏‏. والصورة الثانية‏:‏ إذا كان يمكن فعل الحسنات بلا سيئة، لكن بمشقة لا تطيعه نفسه عليها أو بكراهة من طبعه بحيث لا تطيعه نفسه إلى فعل تلك الحسنات الكبار المأمور بها إيجابا أو استحبابا إن لم يبذل لنفسه ما تحبه من بعض الأمور المنهي عنها التي إثمها دون منفعة الحسنة فهذا القسم واقع كثيرا‏:‏ في أهل الإمارة والسياسة والجهاد وأهل العلم والقضاء والكلام، وأهل العبادة والتصوف وفي العامة‏.‏ مثل من لا تطيعه نفسه إلى القيام بمصالح الإمارة -من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود وأمن السبل وجهاد العدو وقسمة المال- إلا بحظوظ منهي عنها من الاستئثار ببعض المال، والرياسة على الناس والمحاباة في القسم وغير ذلك من الشهوات". قال: "فأقوام نظروا إلى ما ارتكبوه من الأمور المنهي عنها، فذموهم وأبغضوهم‏.‏ وأقوام نظروا إلى ما فعلوه من الأمور المأمور بها فأحبوهم‏". قال:‏ فالتحقيق أن الحسنات‏:‏ حسنات والسيئات‏:‏ سيئات وهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا‏.‏ وحكم الشريعة أنهم لا يؤذن لهم فيما فعلوه من السيئات ولا يؤمرون به‏ ..‏. لكن يؤمرون بما فعلوه من الحسنات ويحضون على ذلك، ويرغبون فيه‏.‏ وإن علم أنهم لا يفعلونه إلا بالسيئات المرجوحة". (الفتاوى: 35/28-30). أصل (52): "بعض الواجبات أوجب من بعضٍ، وبعض الحرام أشدّ من بعض" فليس صيام رمضان كصوم النذر بل أفضل، وليس قتل النفس بغير حقّ كالنظر إلى الأجنبية. (المسودّة: 58). (الفتاوى: 7/513 – 7/59). أصل (53): "بين الحلال والحرام مرتبة العفو". وليس من الأحكام الخمسة المتعلّقة بأفعال المكلّفين، ومعنى "العفو" أنّه لا مؤاخذة به. وفي الحديث: "وسكت عن أشياء رحمةً بكم لا نسيان، فلا تبحثوا عنها". [الدار قطني]. (الموافقات: 1/139).