(التاسع) الإيمان الواجب 103) الإيمان الواجب هو التكاليف الشرعية، أيْ: فعل الواجبات، وتركُ المحرَّمات. والإيمان الواجب هو الفارق بين المؤمن والفاسق الملّي. قال تعالى: "بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ" [الحجرات:11] 104) ومن أنكر أو ردَّ شيئا من الواجبات الشرعية، قبل الخبر أعذر بعدم بلوغ الحجَّة. ومَنْ أنكرها أو ردَّها بعد الخبر، خرج من الملَّة، واعتبر مرتدّا عن الإسلام، لتكذيبه خبر اللّه ورسُوله. 105) وعدم تكفير أهل الكبائر عموماً إيمان بالقرآن، لأنّ الله أنزل عقوبات لأصحاب الكبائر ولم يجعلهم مرتدّين، كقوله تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا" (المائدة:38) وقوله: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ (النور:2) وقال في القاذفين: "فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً" (النور:4-5) 106) ومن زالت عن قلبه محبَّة الإيمان وأهله، وكراهية الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، فليس من أهل الإيمان. قال تعالى: "وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" (الحجرات:7) 107) يُؤمنون بأنَّ الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . قال تعالى: "وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى" (مريم:76) وقال: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ" (الفتح: 4) 108) يُؤمنون بأنَّ الأخوة الإيمانية ثابتة لا تزولُ عن العاصي المسلم. قال تعالى: "فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف" (البقرة:178) وقال: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين. إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم"(الحجرات:9-10) 109) يقولون عن مُرتكب الكبيرة: "هو مؤمن ناقص الإيمان"، أو "مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته". 110) يُخالفُ أهل السنَّة الخوارج القائلين بأنَّ الأعمال من الإيمان، وأنَّ الإيمان جزءٌ واحدٌ لا يتجزَّأ، إذا ذهب بعضهُ ذهب كلُّه، وأنَّ مُرتكب الكبيرة كافرٌ خارجٌ عن ملَّة الإسلام، ومُخلَّدٌ في النَّار في الآخرة. 111) وتخالفهم المعتزلة القائلين بقول الخوارج في الإيمان، إلا انَّهم قالُوا: "مُرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلتين في الدنيا، لا هو كافرٌ ولا هو مُؤمنٌ، ومُخلَّدٌ في النَّار في الآخرة" 112) وتخالفهم المرجئة بأنواعها، القائلين بأنَّ الأعمال ليست من الإيمان، ولا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ. 113) وأهل السنّة يقُولُون: "الذنبُ خطيرٌ، ينقصُ به الإيمان، وصاحبُهُ تحت مشيئة الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له". 114) وأهل السنّة هم الوسط، في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية. 115) يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء، أبراراً كانوا أو فجارا، ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة للأمة. 116) يعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه" (متفق عليه) وقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" (مسلم) 117) يأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمُرِّ القضاء. 118) يدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا"، ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصله الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق -بحق أو بغير حق- ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفسافها.