(الثامن عشر) كفر النفاق 209) يُؤمنُون بأنَّ النفاق هو إظهار الإسلام مع إبطان الكفر. وانَّ اسم المُنافق يشملُ أصنافاً كثيرة، منهم الزنديق الذي يعبُدُ غير الله في السرِّ، أو يُخفي ملَّة من ملل الكُفر. ومنهم الَّذين عرفوا صحّة الدعوة إلى توحيد الله، وتركوا عبادة الآلهة الباطلة، ولكن صعبت عليهم التكاليف، وخافوا على النفس والمال، فأبغضوا الإسلام ومن جاء به. ومنهم الَّذين حسدُوا النبيّ وظنّوا أنّه سلبهم ملكا. 210) يُؤمنُون بأنَّ الجلوس في مجالس الاستهزاء والكفر كفرٌ ونفاقٌ، لقوله تعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" (النساء:140) 211) يُؤمنُون بأنَّ معرفة المنافقين لا تنقطعُ بانقطاع الوحي، وإنَّما يُعرفُ بعضُ المُنافقين بظهور علامات النفاق منهم. قال تعالى: "أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ. وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (محمد:29-30) 212) يُؤمنُون بأنَّ من هذه العلامات مُوالاة المشركين، والتكاسُلَ عن الصلاة، وعدم المواظبة على شهودها في الجماعة، والبخل بالنفس والمال، والقعود عن الإنفاق في سبيل الله، والقعود مع المستهزئين بآيات الله، والجبن عند اللقاء، وابتغاء الفتنة للمؤمنين، والكذب، وإخـلاف الوعد، والخـيانة، والفجور في المخاصمة، وإيذاء الصَّالحين وبغضهم، ومخالفة الأوامر الجماعية، وإحياء العصبيات الجاهلية، والفسوق، وضعف القوّة العلمية والعملية، والرضى بالعطاء والسخط بعدمه، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، والغفلة عن الذكر، وإذاعة أخبار الخوف والأمن، وإرادة التحاكم إلى الطاغوت وغير ذلك. 213) يُؤمنُون بأنَّ من وسائل الإسلام لدرء أخطار المنافقين الوعظ والإرشاد، والإعراض عنهم، وعن مجالسهم، لتمييزهم عن المؤمنين حتى لا ينخدع بهم أحدٌ. قال تعالى: "فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً" (النساء:63) 214) ومن وسائله كشف مكايدهم، والتحذير من شرّهم. وكم من حادثة حدثت في حياته صلى الله عليه وسلم فنَزل فيها قرآن يبيِّن نفاق أقوام معيِّنين. وقد قال ابن عباس رضي اللهُ عنه، عن سورة التوبة: "إنها الفاضحة". لأنها فضحت رجالاً معيِّنين معدودين في الظاهر من الصحابة. 215) ومن وسائله رفع التكريم عنهم، فعُزلُوا عن المشاركة في الجهاد، وحرِّمت الصلاة عليهم. قال تعالى: "فإن رجعك الله إلي طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدوّاً، إنكم رضيتم بالقعود أول مرّة فاقعدوا مع الخالفين. ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" (التوبة:83-84). 216) ومن وسائله معاقبتهم بالقتل، إذا لم يندفعْ شرُّهم إلا بذلك. قال تعالى: "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاّ قَلِيلاً. مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً" (الأحزاب: 60-61). ومن عُرف نفاقه وهو من أهل دار العهد لا يقتل، وفي دار الحرب يقتل. 217) يُؤمنُون بأنَّ المُسلم ليس مأمُوراً باعتقاد أنّ في بعض الكُفار خيراً وإسلاماً، ولكنَّهُ مأمُورٌ باعتقاد انَّ في بعض المسلمين كُفراً ونفاقاً. كما قال تعالى عن المنافقين: "هم العدوّ فاحذرهم" (المنافقون:4). وأنَّ من أحكام المنافقين، أنَّهم لهم حكمَ المسلمين في النكاح والذبائح والإرث. وأنَّهم يصيرون مرتدّين إذا أظهرُوا الكفر وأصرُّوا عليه.