(السابع عشر) الردّة عن الإسلام 196) يُؤمنُون بأنَّ الردَّة هي العودة إلى الكفر بعد الإسلام. وأنَّ المسلم إذا كفر بعد إسلامه، ووقع فيما ينقضُ الإيمان، أنَّهُ مُرتدٌّ. قال تعالى: "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة:217) 197) يُؤمنُون بأنَّ المُرتدَّ الّذي تبرَّأ من الانتساب إلى الإسلام، وادَّعى ملَّة غير ملَّة الإسلام، والمُرتدَّ الّذي لا يزالُ يدَّعِي الإسلامَ، مع كُفره اعتقادا، أو قولاً، أو عملاً، أنَّهم سواءٌ في الحُكم. 198) يُؤمنُون بأنَّ الشركَ الأكبر ناقضٌ للإيمان، وأنَّ النُّطق بالشهادتين الصادر ممن هو على الشرك الأكبر، لا يكُونُ لهُ عاصما من الحكم عليه بالردَّة. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو يشهد الشهادتين ويعمل بكتاب الله: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]. 199) يُؤمنُون بأنَّ إظهار الإنكار وكراهية ما أنزل اللهُ ناقضٌ للإيمان. وأنَّ النُّطق بالشهادتين الصادر ممن هو على إنكار الحقِّ، لا يكُونُ لهُ عاصما من الحكم عليه بالردَّة. قال الله تعالى: "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ" [محمّد: 9]. وقال:"وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكر" [الحجّ: 72]. وفي الحديث:"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به قال الحافظ: أخرجه الحسن بن سفيان وغيره، ورجاله ثقات وقد صححه النووي. 200) يُؤمنُون بأنَّ الاستهزاء بآيات الله ورسوله ناقضٌ للتوحيد، وأنَّ النُّطق بالشهادتين الصادر ممن هو على الاستهزاء، لا يكُونُ لهُ عاصما من الحكم عليه بالردَّة. قال الله تعالى: "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" [التوبة:65-66] 201) يُؤمنُون بأنَّ موالاة الكفّار ومظاهرتهم ناقضٌ للتوحيد، وأنَّ النُّطق بالشهادتين الصادر ممن هو على موالاة الكفّار، لا يكُونُ لهُ عاصما من الحكم عليه بالردَّة. قال الله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" [المائدة: 51]. ﴿مِنْكُمْ﴾ أي من الصحابة الذين أسلموا وشهدوا الشهادتين وصلُّوا وجاهدوا أعداء الله. (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): أي من الكفّار لأجل الموالاة. 202) يُؤمنُون بأنَّ الإعراض عن دين الله، والرضى بما يُخالفهُ من مناهج العبيد، كُفرٌ ناقضٌ للتوحيد. قال تعالى: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ". [الأحقاف:3]. وقال: "وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا. الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا" [الكهف: 100-101]. 203) يُؤمنُون بأنَّ من أنكر الواجبات والمُحرَّمات، المعلومة من الدِّين ضرورة، كوجوب الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وكتحريم الدماء، والزنا، والربا، ونكاح ذوات المحارم، والخمر، والميسر، وغير ذلك من الواجبات والمحرَّمات الظاهرة. فإنَّ منكرها يرتدُّ في الحال. ويُستثنى من ذلك من نشأ ببادية بعيدة عن مظان العلم أوكان حديث عهد بالإسلام. لأنَّ المرء كان قبل نزول هذه الواجبات والمحرَّمات يثبتُ إيمانه وإسلامه بدونها، أي يثبت بأصل الإيمان والانقياد المجمل، ومن أنكرها بعد بلوغ العلم صار مكذِّبا للرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة. 204) يُؤمنُون بأنَّ من ردّ ما دلّ عليه نصّ قطعيّ بالتأويل، كتأويل قدامة بن مظعون للآية، "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا"، لما ظنّ أنّ الخمر تحلُ له. وكتأويلات القدرية والجهمية و غيرهم من المُبتدعة، فإنَّ الرادَّ يستحقُّ البيان وإزالة الإشكال. وأنَّهُ إذا أصرَّ بعد البيان على ردّ ما دلَّ عليه نصّ ثابتٌ مجمعٌ عليه فقد صار مرتدّاً مستحقّاً للقتل. 205) يُؤمنُون بأنَّ حدَّ المُرتدِّ القتلُ، كما جاء في الحديث الصحيح: "من بدَّل دينه فاقتلوه" (البخاري) 206) وأجمعوا على أن شهادة شاهدين يجب قبولهما على الارتداد، ويقتل المرء بشهادتهما إن لم يرجع إلى الإسلام. وانفرد الحسن، فقال:لا يُقبل في القتل إلا شهادة أربعة.(الإجماع/لابن المنذر) 207) يُؤمنُون بأنَّ الردَّة نوعان: "ردَّة ظاهرة" و"ردّة نفاق". فالظاهرةُ أن يُجاهر بكُفره، بعد أن كانَ مُؤمناً. وردَّةُ النِّفاق هي أن يصير منافقا بعد أن كان مؤمنا، لأنّه رجع إلى الكفر رجوعا لا يظهره. كالذين نزلت فيهم: "وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لا تبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب من هم للإيمان".[آل عمران: 167] وهم الذين انسحبوا من ميدان معركة أحد قبيل نشوبها، وكان بعضهم من المنافقين كعبد الله بن أبيّ وبعضهم نافقوا يومئذ. 208) يُؤمنُون بأنَّ المُكره على الكُفر الَّذي قلبُهُ مُطمئنٌّ بالإيمان، والَّذي هُو تحت التهديد الفوري، الَّذي جرت العادةُ بعدم تخلُّفه، لايكفُرُ إذا تكلَّم بالكُفرِ.