(السادس عشر) الكفر 182) يُؤمنُون بأنَّ "الكُفر الأكبر" نقيضُ الإيمان، وأنَّهُ عدمُ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، بالقلب أوباللسان وبالجوارح. ولذلك يقُولُون: "الكُفرُ الأكبر يكُون اعتقاداً، أو شكّاً، أو قولاً، أو عملاً". 183) يُؤمنُون بأنَّ من الكُفر الأكبر، الشركُ بالله وعبادة غيره معهُ أو من دونه. ومنهُ تكذيبُ ما جاء به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، أو الإعراض عنه. ومنهُ سبُّ الله ورسُوله، والاستهزاء بالله وآياته ورسُوله. ومنهُ عدمُ الانقياد لأوامر الله، ومنه إبطانُ الشكِّ بالتوحيد، أو بالملائكة، أو برسالة الرسُول، أو بالقرآن، أو بالبعث والحساب. ومنهُ معاداة الحقِّ وأهله، وموالاة الباطل وأهله. 184) يُؤمنُون بأنَّ من الشرك الأكبر شركُ العبادة، وشركُ الطاعة، وشركُ المحبَّة. قال تعالى:"قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ"(الكافرون:1-2) وقال: "وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ" (الأنعام:121) وقال: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ" (البقرة:165) 185) يُؤمنُون بأنَّ التوحيد والشرك ضدّان متباينان. وأنَّ من عرف التوحيد وآمن به فقد برِئ من الشرك وكفر به، ومن أشرك بالله وآمن بالشرك فقد برِئ من التوحيد وكفر به. 186) يُسمُّون المشركين باسمهم الشرعي، الذي هو "المشركُون" و"الكافرون" ماداموا لغير الله عابدين، وعلى الكُفر مُصرِّين. قال الله تعالى: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون"..إلى قوله "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" [الكافرون:1-6]. 187) يُؤمنُون بأنَّ من أنكر اسمهم الشرعي، أنَّهُ قد ردّ على الله قوله وعاند كإبليس، فيكفر بردّه للحقِّ الصريح وعناده. ثم يقع في كفرٍ آخر وهو موالاة المشركين بوصفه إياهم بالإسلام. ثم يقع في كفر آخر وهو معاداة أهل التوحيد والبراءة منهم. 188) يُؤمنُون بأنَّ من لم تبلغهُ الرسالة، وكان على الكُفرِ والشرك الأكبر، أنَّهُ كافرٌ جاهلٌ، وليس مُؤمناً جاهلاً. وأنَّ اسم "المشرك" يثبُتُ قبل الرسالة، والعقُوبة تنزلُ بعدها. فكلُّ من دان بغير دين الإسلام فهو كافر، سواء بلغته الرسالة أو لم تبلغه، فمن بلغته فهو كافر معاند أو مُعرض، ومن لم تبلغه فهو كافر جاهل. 189) يُؤمنُون بأنَّ من بلغهُ الحقُّ فعرفهُ، ثُمَّ ردَّهُ استكباراً، أو خشية المعرَّة، أنَّهُ كافرٌ، وليس مُؤمناً بمجرَّد المعرفة. قال تعالى: "إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (البقرة:34) 190) يُؤمنُون بأنَّ حجة الله قائمة على كل من بلغهُ القرآن، قال تعالى: "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُم بِهِ وَمَنْ بَلَغَ". (الأنعام:19) 191) يُؤمنُون بأنَّ كلَّ مُؤمن يعرفُ كُفرَ من جهر بكفره وشركه الأكبر، المناقض لأصل الإيمان، وأنَّ من لم يعرف هذا الكُفر لم يعرف الإيمان، ومن لم يُكفِّر مثل هذا الكافر فهو كافرٌ. 192) يُؤمنُون بأنَّ من لا يعرفُ الفرقَ بين المصدِّق بما جاء به الرسُولُ صلى الله عليه وسلم، وبين المُكذِّب، لم يعرف الإيمان ولم يُؤمن به. فكلَّ مُؤمن يعرفُ كُفرَ من أنكرَ حقّاً يعلمُ أنَّهُ معلُومٌ من الدين بالضرُورة، وأنَّ أهلَ العلم يعرفُون كُفرَ من أنكر حقّاً ليس معلُوماً من الدين بالضرورة. 193) يُؤمنُون بأنَّ المشركَ هو من يعبُدُ مع الله إلهاً آخر، سواء ادَّعى ملَّة الإسلام، واتِّباع رسالة مُحمد صلى الله عليه وسلم، أو تبرَّأ من ذلك. ولا فرق بين الصنفين في التسمية، والخلود في النَّار. ويدلُّ على عدم التفريق، انَّ النصوص القرآنية الواردة في شأن الشرك وأهله صريحة مطلقة. كقوله تعالى: "وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً" (النساء:116) وقد كان المشركون الوثنيُون يزعمُون أنّهم على ملَّة إبراهيم وإسماعيل، و كان اليهُود والنصارى يزعمُون أنَّهم على ملَّة إبراهيم وموسى وعيسى، ولم ينفعهم الانتساب شيئاً. 194) يُؤمنُون بأنَّ كلَّ كافرٍ مات في الكُفر والشرك الأكبر، تُحبطُ جميعُ أعماله، ولا يغفر اللهُ له، وتُحرم عليه الجنَّة، ويُخلَّد في النَّار، سواءٌ كان مُلحداً دهرياً، او وثنياً، أو مجُوسياً أو يهُودياً، أو نصرانياً، أو مُنتسباً للإسلام. قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا" [النساء: 116]. وقال: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" [المائدة:72]. 195) يُؤمنُون بأنَّ الشرك فيه أكبر وأصغر. و الشرك الأصغرُ هو كُلُّ ذريعة إلى الشرك الأكبر، كالرياء، والحلف بغير الله، والقول بـ "ما شاء الله وشاء فلان"، أو "لولا الكلب لدخل علينا اللصُوص"..وأمثال ذلك. وفي الحديث: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" قالوا: "وما الشرك الأصغر يارسول الله ؟". قال: "الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم: اذهبوا الى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً" (أحمد) وفي الحديث: "من حلف بغير الله فقد أشرك" (أحمد والترمذي والحاكم بإسناد جيد)