(الثامن) الولاء والبراء 97) يُؤمنون بأنَّ الإيمان لا يصحّ إلا بالتوحيد، ولا يصحُّ التوحيد إلاّ بموالاة أهل التَّوحيد، والبراءة من أهل الشرك. قال تعالى: "لاْ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ اْلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَاْدَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيْرَتَهُمْ" [المجادلة: 22]. فمن زعم الإيمان مع مودَّة الكفار فقوله مردُود، لأنّ القرآن يشهدُ باستحالة اجتماع الإيمان مع مودَّة الكفار. وقال تعالى: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ" [الممتحنة:4] قال الإمام الطبري: "حتى تُصدقوا بالله وحده فتوحِّدوه وتُفردوه بالعبادة" 98) يُؤمنون بأنَّهُ لا ينفع العلمُ بالتوحيد وفعل الواجبات وترك المحرّمات لمن أظهر موالاة أهل الشرك أو معاداة أهل التوحيد، فيكون بذلك كافراً مرتدّا مثلهم، لأنَّ الله تعالى قال لأهل الإيمان من الصحابة: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" (المائدة:51) 99) يُؤمنون بأنَّ موالاة المشركين ومودّتهم تكون على صورتين: (الأولى): الموالاة الظاهرة: وهي أن يعلن الإنسان براءته من المسلمين، وأنّه مع المشركين وضدّ المسلمين فيكون حينئذٍ مرتدّاً ردّة صريحة وله حكم المرتدين في الدنيا والآخرة. وكذلك إذا أتى بعمل ظاهر لا يدلّ إلاّ على الكفر، كان كافراً مرتدّاً، كمن فرّ من صفّ المسلمين في الجهاد ودخل في صفوف الكافرين . (الثانية): الموالاة الخفية: وهي أن يعلن موالاته للمسلمين وبراءته من أهل الشرك ويُضمر خلاف ذلك من مودّة المشركين وموالاتهم، وكلّما انكشف أمره اعتذر باعتذارات كاذبة، وأكّد أنّه لا يزال على ولائه للمسلمين وبراءته من المشركين، فيكون فاعل ذلك منافقاً له حكم المنافقين في الدنيا والآخرة. وهذا النوع من الموالاة هو الذي كان يقع من المنافقين المنتسبين إلى الإسلام كثيراً، ونزلت بسببها أكثر الآيات القرآنية التي تنهي عن موالاة المشركين ومودّتهم . قال تعالى: "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " - [المائدة: 52] وفي الحديث: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين غنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه أخرى" (متفق عليه) 100) يُؤمنون بأنَّ من كان قبل ذلك مسلما صحيحاً، ثم صار منافقاً يوالي المشركين موالاة خفية، فإنّه يكون مرتدّاً ردّة نفاق، وله حكم المنافقين في الدنيا والآخرة، كالذين نزلت فيهم: "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" (التوبة: 66) 101) يُخالفُ منهج أهل السُنَّة من زعم أنَّ المُسلم لا يكفرُ بمظاهرة الكفار وموالاتهم، إلا إذا أظهر اعتقادهم، وهي مقالة أهل الإرجاء المعاصر. 102) يأمرون بصلة أرحام المشركين، الَّذين لا يقاتلُون المسلمين، ولا يُظاهرُون عليهم عدوّهم، ولا يطعنُون في دينهم. قال تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة:8-9) وقال: "وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ" (التوبة:12)