(الأول) الإيمان بالله 3) يُؤمنُون بالله وملائكته وكُتبه ورسله واليوم الآخر. وبالقدر خيره وشرِّه. قال تعالى: "آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (البقرة:285) وفي الحديث الصحيح: "وتُؤمن بالقدر خيره وشرِّه" 4) يُؤمنُون بأنَّ من لم يُؤمن بذلك فهو من الكافرين الخالدين في النَّار. قال تعالى: "وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا" (النساء:136) 5) يُؤمنُون بأنَّ من كفر ببعض هذه الأصُول أنَّهُ كمن كفر بالكُلِّ. فمن يكفر بتوحيد الله وأشرك في عبادته، لم ينفعه إيمانهُ بالملائكة والكتب والرسل، والبعث بعد الموت وحساب الآخرة. ومن يكفر بالبعث بعد الموت وحساب الآخرة لم ينفعه إيمانه بتوحيد الله والملائكة والكتب والرسل. وكذا من أقرّ بالتوحيد والبعث والحساب، وكفر بالملائكة، أوالكتب، أوالرسل، لم يكُنْ مُؤمناً بالله بما أقرّ. 6) يُؤمنُون بأنَّ الإيمان بالله هو أصلُ الدِّين، وأول ما يؤمر به العبد. وهو الفارق بين المؤمن والكافر. وأنَّ جاهلهُ غيرُ معذُور بجهل ولا بتأويل. والجهل به كفرٌ في كل حال قبل الخبر وبعد الخبر‏. لأنَّ الإيمان هو تصديق ما جاءت به الرسل، بعد العلم وبلوغ الخبر. فإن انتفى العلم انتفى الإيمان. 7) يُؤمنُون بأنَّ لفظ "الإيمان" إذا أُفرد تضمن الإسلام الظاهر، لأنَّ أركان الإسلام داخلة في أصول الإيمان. فشهادة أن "لا إله إلا الله"هي: "أن تؤمن بالله"، وشهادة أنّ"محمَّدا رسول الله"، هي: "أن تؤمن برسل الله". وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحجّ البيت، هي:"أن تؤمن بكتاب الله" 8) وأنَّ لفظ "الإسلام" إذا أُفرد تضمن الإيمان. لأنَّ "الإيمان" هو أصلُ "دين الإسلام"، وأول ما يؤمر به العبد، ولا يصحُّ الإسلامُ الظاهر لمن أنكر الإيمان الباطن. 9) يُؤمنُون بأنَّ "الإيمان"، ينتقضُ باعتقاد نقيضه، وأنَّ نقيضهُ الكفر والشرك الأكبر. ومن الكفر سبُّ الله ورسُوله ودينه، والاستهزاء بالله وآياته ورسله وملائكته ووعده ووعيده. 10) يُؤمنُون بأنَّ الأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام: قال الله تعالى: "فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" (الأعراف:99) وقال: "إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف:87) 11) يُؤمنُون بأنَّ على العبد أن يُوحِّد الله ويُقرَّ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأنَّ ذلك حقٌّ لله على جميع عباده. وهو التَّوحيد المطلُوب تحقيقه. 12) ومعنى توحيد الربوبية: الإيمان بأفعال الله، ونفيه عن الشبيه والنَّظير فيها. والاعتقاد بأنّه وحده ربُّ الكون المُتصرِّف فيه، والخالق المالك الرازق المحيي المميت الحاكم المشرّع المدبِّر لأمر العالم. وتوحيد الربُوبيةِ هو الشاهدُ الدليلُ على توحيد الألُوهية. 13) ومعنى توحيد الأسماء والصفات: أن تؤمن بأنَّ الله له الأسماء الحسنى وصفات الكمال، ولا نظير له في ذلك ولا شبيه. 14) يُؤمنُون بأنَّ الإيمان بالله لا يصحُّ ممن لم يُحقِّق التَّوحيد. وأنَّ الاعتراف بربوبية الله، مع الاشراك في عبادته، ليس الإيمان المطلُوب. وأنَّ المشركين كانُوا مُقرِّين بتوحيد الربُوبية، وإنَّما قامت الخصُومة بينهم وبين الرُّسل في توحيد الألُوهية والعبادة. 15) يُؤمنُون بأنَّ من لم يكفر بالطاغوت لم يصحّ إيمانه: قال تعالى: "فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة:256) 16) يُؤمنُون بأنَّ الإيمان يكون بالقول والعمل والنية. وأنَّ القول هو قول القلب واللسان، وأنَّ العمل هو عمل القلب واللسان والجوارح. 17) يُؤمنُون بأنَّ من ادَّعى الإيمان بالنيَّة والباطن، وأظهر الكفر باللسان أو العمل أنَّهُ قد صار من الكافرين. وأنَّ من آمن بالقول والعمل، وكفر بالنيَّة والباطن، صار من المُنافقين. 18) يُؤمنُون بخطأ من ظنَّ بأنَّ الإيمان يكون بالقول والنِّيَّة دون العمل، وإنْ اعتقد بوجوب الواجبات، وحرَّم المُحرَّمات، كما فعلتهُ مرجئة الفقهاء. 19) وقد خالف الإيمان، واعتقد الكفرَ غالبُ طوائف البشر. خرج منهُ الملاحدة الذين ينفُون وجود الله. والمشركُون الوثنيُون، لشركهم وخروجهم من التَّوحيد. وأهلُ الكتاب لأنّهم أشركُوا بالله، وخرجوا من التَّوحيد، وكفرُوا ببعض رسل الله. وعُبَّادُ القبُور، والعلمانيُون، والعاملُون بالدساتير الوضعية من المنتسبين للإسلام، لخروجهم من التَّوحيد، ووقوعهم في شرك الطاعة، وكفرهم بشريعة القرآن. 20) وقد ضلَّ عن اعتقاد أهل السنَّة، من اعتقد بأنَّ الإيمان يكون بقول اللسان دون النيَّة والعمل، وأنَّ المرء يُوصفُ بالإيمان، وإن كفر بالنِّية والعمل، كما فعلتهُ المرجئة الكرَّامية. 21) وضلَّ عن اعتقاد أهل السنَّة، من اعتقد بأنَّ الإيمان يكون بالعلم القلبي، وأنَّ المرء يُوصفُ بالإيمان، وإن كفر باللسان والعمل، كما فعلتهُ المرجئة الجهمية. 22) وضلَّ عن اعتقاد أهل السنَّة، من اعتقد بأنَّ الأقوال والأعمال الكفرية، كسبِّ الله ورسُوله، والاستهزاء بالله وآياته ورسُوله، وإلقاء المُصحف في القاذورات وغيرها علامةٌ على الكُفرِ وليست كُفراً، كما فعلتهُ المُرجئة والجهمية. 23) وضلَّ عن اعتقاد أهل السنَّة، من اعتقد بأنَّ الإيمان يتحقَّقُ مع وجود ضدِّه وهو الكفر والشرك الأكبر، وأنَّ المرء يُوصفُ بالإيمان، وإن لم يتُبْ من الشرك الأكبر، كما فعلتهُ المرجئة المعاصرة.